السيد “طاط”

قرر السيد “طاط” أن آلة التنبيه في السيارة “البوري” هي بمثابة يده ولسانه وأحياناً قدمه، كما أنها تختزل جميع انعكاسات حواسه، وهي الأداة الأولى للتعبير عن حاله النفسية وصدى لأفعاله ورده على أفعال الآخرين، كل ذلك يتم بحسب مؤشر المزاج المتقلب، استطاع السيد “طاط” ويطلق عليه في المساء السيد “طوط” أن يقوم بتحويل “البوري” إلى جهاز “ريموت كنترول” مدمج، الضغط على زره مبرمج لتحقيق المراد بحسب النية “المطية”، وطول موجة “الطوط… طاط”.
وتجاوز السيد “طاط” قرع الأبواب “بالبوري” لحث الزوجة والصبية على الخروج. وأصبح من الماضي عنده استخدام “البوري” لإزالة وكنس العوائق من بشر ومركبات عن سيارته في الليل وأطراف النهار، كما تجاوز استخدامه لإلقاء التحية والاحتجاج والسباب وفي حالات نادرة إبداء الأسف، تجاوز كل هذا إلى خطوة جديدة، ألا وهي تناول الحاجات “بالطوط طاط”. وكانت طفرة نوعية فريدة، فهو يقف أمام أبواب المطاعم و”البقالات” ويضغط الزر فيقفز إليه عامل أو ثلاثة حاملين السندويشات أو طبق “المندي والمثلوثة”، “طوط” واحدة من السيد “طاط” تكفيه لانجاز العمل، وهو مرتاح “مسفهل” قابع في سيارته يرغي بجواله، ونجح السيد “طاط” في تربية ابنه المراهق “بيب” على هذه التقنية الفريدة، ولم يكن تعليمه هذه الخبرة بالأمر الصعب لأنه أنشأه، وهو الخبير، عليها فمنذ كان طفلاً يهديه “طاطه” واحدة أو عشراً كلما أراد إدخال البهجة إلى روحه الصغيرة، كان يمسك بيده الرقيقة ويضغط بها على آلة التنبيه حتى تعلم وبرع الصغير فأطلقوا عليه الابن “بيب”.
وكلما تناهى إلى سمع السيد “طاط” صوت “بيب” ابتسم و”اسفهلت” أساريره لأن “من خلف ما… مات”.
ويمكن لك أن ترى السيد “طاط” بسيارة خاصة أو رسمية وقد تكون سيارة أمنية، وربما كبيرة أو صغيرة فهو منتشر في الشوارع والأزقة، ولا يفقه السيد “طاط” شيئاً عن التلوث الصوتي وهو عندما يضطر إلى استخدام حباله الصوتية يرفع نبرتها إلى الأعلى مدعياً أنه مصاب بالصمم وثقل السمع.
ويفكر السيد “طاط” حالياً باستخدام ابهام قدمه لضغط زر آلة التنبيه “البوري”، حيث أصيب بالملل من استخدام ابهام وراحة يده اليمنى تارة واليسرى تارة أخرى وهو أيضاً تحسباً لأي طارئ.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.