وصلتني رسالة الكترونية “جماعية” من أحد الاخوة العرب قال فيها إنه زار مختلف البلاد العربية وعايش أهاليها، ثم كتب ملاحظاته عن طباع وسلوكيات شعب كل بلد على حدة، وما يهمني هو ما ذكره عنا نحن أهل هذه البلاد قال:
“يسهل خداعهم سواء عندما يسافرون للسياحة أو حتى في عقر دارهم”. وأجد أن ما قاله حقيقة جلية، ودعونا نحصر النقاش في “عقر دارنا”، نحن نقرأ ونسمع يومياً أصنافاً من القصص التي تؤكد هذه الحقيقة، حتى إنها أصبحت من الأمور الاعتيادية، وهو أمر يدعو إلى التفكير والبحث … أين الخلل؟، وما الأسباب التي جعلتنا نصنف من “المنصوب عليهم”، هل هو الطمع أم الطيبة والسذاجة!؟ أم أنهما اقترنا وكونا قرن استشعار نبت في رؤوس كثير منا يمكن التخاطب معه بكل يسر وسهولة، فأصبحت لدينا “القابلية للنصب” مجدية ومغرية للنصابين من مواطنين وغيرهم.
أحلام الثراء السريع هي أول خطوة للوقوع في شباك النصب، يتبعها في المرتبة الثانية أحلام الشفاء السحري من الأمراض الحقيقية والوهمية، وتأتي أحلام استعادة الشباب والجمال والحيوية في المرتبة الثالثة، وكل هذه الأحلام متوافرة بكثرة لدى ملايين البشر في أرجاء المعمورة، فلمَ يكون النصب هنا أسهل وبعائد مجز؟ ولمَ يؤخذ عنا هذا الانطباع الحقيقي للأسف؟
في قضايا شركات توظيف الأموال والمساهمات العقارية المتعثرة، الأمر جلي وواضح، الطمع هنا هو سيد الأدلة، ولا ننسى عدم توافر المعلومات عن النصابين وسوابقهم، إضافة إلى الفوضى في سوق الإعلانات، كثير من هذه القضايا تبدأ بإعلانات وحملات أي أنها لا تمارس تحت الأرض خلاف قضايا الزئبق الأحمر واستيلاد وإكثار النقود بواسطة “الكراتين”!!
القاسم المشترك بين كل حوادث النصب هو عدم الوعي من الأفراد وعدم التوعية من الجهات المعنية الرسمية، وإذا جاءت هذه التوعية تكون متأخرة ومبهمة، ثم إن الأحكام القضائية التي تصدر لا تعلن، ولا أشك لحظة واحدة في أن هناك شكاوى كثيرة من أفراد وجماعات تعرضوا للنصب تقدم للجهات الرسمية وتستهلك جهداً ووقتاً ثمينين، لذلك أقترح على الجهات الرسمية، خصوصاً وزارة الداخلية، أن تضع موقعاً على الإنترنت يخصص للتوعية بأساليب النصب، وتضاف إليه قائمة بأسماء وصور الأشخاص أو الشركات ممن ثبتت عليهم تهمة النصب وتكرر منهم ذلك.
مثل هذا الموقع لو وجد طريقه إلى النور سيفيد أول ما يفيد الجهات الرسمية، لأن عدد القضايا سيتراجع ولا يقع أناس جدد دائماً في قبضة النصاب المختفي، ويكون الجواب على شكاواهم “أن عليه قضايا كثيرة”.
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط