ألف جرح صغير

«ليس لدينا حل ناجع لكل شيء، ولكن يمكننا الضغط من أجل التغييرات التي ستؤدي حتماً إلى الموت عن طريق ألف جرح صغير لنظام مصر السلطوي».
هذا نص من برقية سرية أرسلها السفير الأميركي في القاهرة إلى واشنطن في شهر مارس من عام 2006، الوثيقة نشرتها «وكالة أنباء أميركا ان اراب»، حصلت عليها من موقع ويكيليكس، في ذلك الوقت كانت واشنطن تصف «مصر مبارك» بالدولة الحليفة، السفير الأميركي وقتها أقنع الرأي العام والإعلام في القاهرة، بأنه مهتم بحلقات الدراويش والذكر الصوفي في مصر. سياسة ألف جرح صغير، تشير لطول نفس واستراتيجية بعيدة المدى، يستفاد من هذا أنه حينما يكثر سفراء الدول «العظمى» الاهتمام بتفاصيل المجتمعات فهم «يبرقون» بأمور أخرى!
ذهب نظام حسني مبارك إلى غير رجعة، وهو يجرجر شبه يومي للمحاكمة على سرير، ربما لا يستحق حتى الشفقة، إنما في البحث وإعادة النظر فوائد. تذكر وكالة الأنباء عن السفير الأميركي في القاهرة التالي «ونصح ريتشاردوني باستهداف سيدة مصر الأولى في وقتها سوزان مبارك بالضغوط لزيادة الضغوط بدورها على مبارك، ونصح بأن تتم دعوتها لزيارة البيت الأبيض، لإحداث تغييرات، وذلك ضمن استراتيجية للضغط على مقربين من مبارك، مثل رئيس الديوان الرئاسي زكريا عزمي ورئيس المخابرات المصرية عمر سليمان ونجل مبارك جمال»، انتهى.
وفي الوثيقة إشارة إلى دور مركز ابن خلدون «الإيجابي»، الذي يديره الدكتور سعد الدين إبراهيم، كما أن السفير لم يتوقع الثورة المصرية بل استبعدها مع وجود مبارك، لكن عمله يطمح – كما في النص- لتحقيق التالي، «أن أهداف الولايات المتحدة من خلافة مبارك يجب أن تكون الترويج لقيام حكومة منتخبة تضمن استقرار مصر ورخاءها وصداقتها لنا لمدة جيل من الزمن».
تحتاج الثورات العربية لمزيد من البحث والتدقيق في الجروح الصغيرة، بمراجعة الأحوال ما قبلها، الداخلية منها وعلاقات مع الدول المؤثرة، أيضاً هي تحتاج لتقصي دور الحلقات الضيقة حول القيادات من نساء ورجال، قد يبدو الدور إيجابياً في الظاهر لكنه فتح جرحاً صغيراً من ضمن الألف جرح.
الجروح قد لا تكون دامية في البداية بل إنها أقرب لمصالح «ربما فرص» محصورة فوائدها في تلك الدائرة الضيقة، يطلق عليها فساد في الضفة الأخرى لأنها تدمي الحلقة الأوسع من الشعب.
خسر مبارك الشعب المصري وكسب ود الخاصة من دائرته الضيقة فتحولت إلى أمواس حادة أثخنته بالجراح، كان ابنه أكبر موس فيها، فذهب غير مأسوف عليه. مبروك للمصريين عيد ثورتهم الأول، ولينتبهوا… استراتيجية الألف جرح لم تنتهي.
هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

تعليقان على ألف جرح صغير

  1. طارق حسني محمد حسين كتب:

    استاذنا الحبيب ابو احمد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :
    نتذكر انه كان عندهم فساد ومحسوبية وشراء للذمم واستغلال للمنصب وبعض المسؤلين منهم
    من اهدر المال العام ومنهم من استحوذ على مئات الكيلومترات ومنهم .. ومنهم .. صحيح يابو
    احمد هذه الامور مثلت مئات الالاف من الجراح للشعب واشتغل الفاسدين منهم على وتر الاعلام
    وهات ياكانوا كتاب رأي يطنطنوا زعيم العبور وزعيم العفاريت الزرق وفيه كتاب من مقامكم
    الكريم يابو احمد كانوا ينبهوا ويرسلوا اشارات وعبارات لكن الدنيا كانت طناش كأنهم كانوا
    بيكلموا الجدار وكانوا يرشوهم بطريقة غير مباشرة .. الكاتب اللي ذمته متعتعة يقوموا يضموه
    للحزب الوطني عشان يسكتوه واللي مايقدروا عليه يضايقوه في الجريدة اللي يكتب فيها ..
    وكانوا الامريكان اللي صحيح ماعندهم صاحب الصابونة في يد والهرجة الثانية في اليد الثانية
    عارفين لكن كانت هناك امور لهم فيها مصالح ماخلصوا منها وبعد ما انتهوا قال عقلهم زحلقوه
    بصابونة داخلية وهاتوا غيره نسأل الله انه يسهل امورهم في المحافظة على بلدهم ويسهل لهم
    من يخاف على ارض الكنانة القريبة مننا في القلب وفي النظر رمية حصى وشكرا

  2. محمد الخميبس كتب:

    لم أفهم

التعليقات مغلقة.