«نبتكر ولا نقلّد»!

أتطلع وأطمح لأن يكون هذا شعاراً لنا، «نبتكر ولا نقلد». شاهدت صورة على الصفحة الأولى من صحيفة «الحياة» عن صحن تمر ضخم، أو «تمرية» كما يسمى، وهو – أي الصحن – من الضخامة بحيث بدا الزوار من حوله أقزاماً صغاراً، وللأكل وأنواعه وصحونه في مهرجانات وفعاليات «السياحة» وغيرها، مساحة فسيحة.
ما هذا الهوس بالأكل؟ وأيننا عن «لقيمات يقمن صلبه؟» ثقافة الإبهار في المأكولات والصحون الأكبر والأضخم ترسّخ قيم الاستهلاك مع فراغ العين، والعين الفارغة لا يملؤها إلا التراب، والاستهلاك المتفشي هو ما نعاني منه عناء لا يعلمه إلا الله، وأكثره «دعاية» وبحث عن الإعجاب المنتهي بالذوبان! كيف نستمر في ترسيخ سلوكيات الاستهلاك مع كل التحذيرات من ارتفاع نسبة السمنة في السعودية والخليج بين النساء والرجال، شباناً وشابات. في هذا ينطبق علينا المثل الشعبي «عنز بدو طاحت في مريس». أخذنا أكبر صحن وأضخم كبسة من الخارج، وعضضنا عليها بالطواحن، ثم التقطنا الصور التذكارية إلى جوارها.
أما السبب فهو فقر الأفكار، لأننا نقلد ولا نبتكر، والمضحك من يأتي ويقول: «تقوم عليها شركات متخصصة»، والتخصص هنا في التقليد والقص واللصق لا غير!
كم هي نسبة المأكولات الصالحة للاستهلاك من حجم النفايات المنزلية اليومية؟ لا شك أنها كبيرة، أما في المناسبات على اختلافها، الرسمية منها والشعبية والعائلية، فحدّث ولا حرَج، بل اخرج إلى الصحراء في مواقع التنزه من رياض وفياض، لترى آثار الأكل الفائض! شيء مريع، ومع هذا نرسّخ هذه السلوكيات – رسمياً – بما يطلق عليها «فعاليات وعناصر جذب». الجذب من المَعِدة، فهل أجهزة رسمية تريد محاكاة عمل الزوجة التي تستخدم معدة الزوج طريقاً للوصول إلى قلبه؟ حتى هذا كان في القديم، صارت العاملة المنزلية هي الوسيلة، مثل الشركة المتخصصة!
لو كنت من الشباب الذين يهوون التصوير ووضع الإصبع على التناقضات، لرصدت صحن السياحة التمري، وأمثاله من الصحون والأطباق الضخمة، لأرى وأوثّق ما الذي سيفعلون بها بعد انفضاض الجمع، وفي أي برميل سيرمونها؟

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

3 تعليقات على «نبتكر ولا نقلّد»!

  1. عبدالعزيز الهزاني كتب:

    مدخل : – (من شأن ..الاعلام أن يكون محركا ..وموجها للثقافة.. ومقوما للسلوكيات… ودافعا لتحسين عناصر الانتاج المادي والمعنوي.. و..و….)
    وحين نقرا ونطلع على الاعلام الوطني ..نجده … ؟ مترهلا … صوته بواد ي.. والناس بوادي …وأستراتجية التنميه الوطنية بوادي.. والعالم بوادي أخر…؟ بالعاميه …. مسبلها لاجتهادات منفردة بدون سياسه أو أتجاه.
    وبالرغم من أن بعضا من هذه الاجتهادات حسنة المبدأ والمعني..(القرأن,والسنة), (السعودية الثقافية)..وبعضا من برامج الاخبارية ..؟
    ألا أن الاخراج والعنصر التشويقي ..وجذب الانتباه… وأستخدام العنصر المرئي للجذب(المؤثرات المرئية والصوتيه تزامنا) .. والشد معدومة بل أنها غالبا منفرة….. (شباب التلفزيون “خــاقــيــن” فى البومات …ياني… )
    أما المقروء …. فحدث ولا حرج … مدراء التحرير للصحف السعودية … منذ عهد الديناصورات ..وليس لديهم نية للزحزحة عن كراسيهم..أو تحرير أفكارهم.. وصحفهم من النمطية… أن أجتهدو قليلا من ألاخراج…! والتصوير… وبس..؟
    سيدي العزيز الاعلام الوطني ..حضوره فى الساحة الوطنية وزن زائد لا ينفع . وأحيانا …قد …وقــــــد…..لايضر…
    صحفنا ….. بعضا من الأعمدة اليومية هنا وهناك…والبقية شوية حبر على ورق.

    ولما لا … أطــــول عمود يومي…. وبأدارة شركة عالمية متخصصة….!….!
    مع الخيل يا شقرا…!
    تحياتي ..أبو أحمد

  2. الاستاذ عبدالعزيز انها سياسة دعهم يستهلكون دعهم ينتفخون فعلا سياسة شركات عالميه لتصريف المنتجات والمهرجانات والفعاليات والدعايات التلفزيونيه والمسابقات والجوائز الضخمه ماهي الا ادوات تنفيذ تلك السياسات ف الى متى. ؟!؟!؟!؟

  3. طارق حسني محمد حسين كتب:

    استاذنا الغالي ابو احمد .. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :
    خلينا نقلد يابو احمد .. بس نقلد في الحاجات الايجابية كمان .. يعني هذا بيل
    غيتس .. نقلده بما قام به من تبرعات زي المطر .. ممثلاث امريكيات
    تبرعوا .. فنان نيوزلندي سوى مدارس في افريقيا … تقليدنا بس
    صار في اكبر صحون الاكل .. وهنا المشكلة وشكرا

التعليقات مغلقة.