بألم لا بقلم 2-2

ومن ضرب الأمثال ظاهرة سرقات السيارات، وهو أمر تعلمونه جميعاً، قيل إن الإهمال هو السبب، ثم ساد صمت رسمي مطبق من المعنيين بعدما كبر الشق، الآن نكرر القول ان حوادث السطو تتزايد والشرطة لا تتعامل معها بالاهتمام المطلوب، رجل يكتشف أن منزله سُرق في غيابه، يذهب إلى الشرطة يقابله الملازم كالعادة بتهوين الأمر لكثرة القضايا، ثم يحيله إلى جندي لأخذ إفادته!
ويكون السؤال الشهير “تشتبه في أحد؟!”، لا بد من أن يكون للضحية دور، إذا لم تشتبه في أحد فكيف يعملون؟! هذا يدفعنا لسؤال عن مدى تأهيل رجال الأمن الجنائي، ولماذا لا يرى الناس منهم جدية في التعاطي مع قضاياهم اليومية؟ هل تنقصهم الإمكانات؟ وهل أمورهم الوظيفية في وضع سليم؟ هل عددهم أقل من الحاجة والضغط عليهم كبير؟ الاعتذار بقضايا الإرهاب وملاحقتهم الإرهابيين غير مقنع بتاتاً، لدى الدولة – ولله الحمد – من الإمكانات ما يسد الحاجة ويفيض، ولرجالها الكبار من الحكمة والحرص وبعد النظر ما يعلمه الجميع، يأتي السؤال الكبير، هل يقوم المستشارون والتنفيذيون بأدوارهم الحقيقية؟ لماذا لا تكتشف هذه الظواهر في مهدها ويتم وأدها؟ لماذا نضطر وننتظر الصحف لتكتب عن أحوال حي البطحاء لتُجرى حملات وحملات؟ هل هناك نقص في المعلومات أم تجميل وتلطيف و”تبييض” لها؟ إذا كان ذلك على سبيل الافتراض فهل هو من الأمانة في شيء؟! الاستشارة أمانة، والمسؤولية أمانة وهل هناك أكبر من أمانة مسؤولية الأمن؟!
أرجو المعذرة، فقد قلت في البداية إنني أكتب بألم ومحبرتي هي المرارة، وليس لي هدف سوى حماية السفينة، والخوف أن يتم التعامل مع قضايا السطو وسرقة المنازل بصورة التعامل نفسها مع سرقة السيارات وأجزائها. بالأمس القريب عامل يمشي بجوار إحدى الحدائق الساعة التاسعة والنصف ليلاً، يوقفه ثلاثة شبان متلثمون بعدما حاولوا صدمه بسيارتهم، يرشون عينيه بمادة تصيب بالعمى الموقت، ويضربونه بآلة حادة ويسرقونه، يتمالك الضحية نفسه ويتحرك، فيرى سيارة دورية، يخبرها بالأمر، ويسألونه: تعرفهم! لا. رقم اللوحة. يجيب بأن الجناة أخفوها بقطعة بلاستيك، وينتهي الأمر عند هذا الحد، الأمثلة كثيرة والصحف مليئة، والعجيب أن يحدث هذا مع الحملات المكثفة، فأين الخلل؟! أين الدارسون والباحثون ومراكز الأبحاث؟ وما الذي هز هيبة الأمن؟
وفي الوقت الذي نرى فيه الجامعي يركض بحثاً عن وظيفة جندي، في الوقت الذي يسمع فيه الشباب عن طفرة اقتصادية نمر بها ولا يصله شيئاً منها، ويلاحظون من بعض من حولهم البذخ والسلوك الاستهلاكي المقيت، ماذا نتوقع مستقبلاً؟!
نحن بحاجة الى مشروع ضخم “يضف” الشباب خصوصاً المراهقين، لا يتعثر بالإشكالات البيروقراطية والتنظير الأكاديمي، ولا يتحول إلى مشروع إعلامي فقاعي، مشروع فوري هدفه حماية المجتمع والوطن والشباب، ونحن بحاجة إلى إعادة النظر في أسلوب عمل الأمن الجنائي، لنكتشف أين الخلل، ونحن بحاجة ماسة لمستشارين وتنفيذيين حريصين يصدقون القول لمن أعطاهم الثقة.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.