المكافأة لغير السعوديين!

جذبنا الاستثمار الأجنبي من جيبه. تجمع عمالة أموالاً، وتستخرج تراخيص، ولا نعلم مدى نجاح معالجة ذلك، وكل فترة تظهر لنا دراسة عن احتلال المملكة مراكز متقدمة في مناخ الاستثمار، طبعاً أوهام المنافسة العالمية لجذب الاستثمار الحقيقي تبخرت، لم تنفع آلة إعلامية زبرقية صاحبتها، هبطت بالمظلة إلى المركز الثالث عربياً، بحسب دراسة لوكالة بلومبيرغ الاقتصادية.
بعيداً عن الدراسات، لننظر وندقّق في واقع أحوال المستثمرين. أقصد الاستثمار الحقيقي، لا مطاعم الحمص، والمشاغل النسائية، وورش تغيير الزيوت!
حدثني مستثمر يدير مصنعاً برأسمال مشترك سعودي – أجنبي عن الصعوبات التي يواجهونها، وتتزايد مع إجراءات الهيئة العامة للاستثمار، آخرها فرض رسوم سنوية بمبلغ 14000 ريال تحت اسم «رسوم خدمات»، هذا إضافة إلى الـ 2000 ريال رسوم تجديد الترخيص سنوياً.
وفوق هذا، فإن الإجراءات بطيئة، التجديد يحتاج إلى أسابيع، ما يعني علاقة متذبذبة مع البنوك وغيرها من جهات، وحينما سألته هل سبق وزاركم مراقب من الهيئة؟ قال: لا. القصة رسوم وجباية. جذب الاستثمار يحتاج إلى استقرار، لا إلى قرارات فجائية، وتعقيب سنوي لتجديد الرخصة من ورقة إلى أخرى، إذ تبدأ البنوك بالتذكير، مطالبة بالتجديد، أو إيقاف الحسابات!
ولو توافقت مع المبلغ الجديد سرعة إجراءات، لتم غض الطرف، لكنها تشكو من بطء يدفع ثمنه المستثمر المتردد على شبابيك الهيئة.
ما الخدمات التي تستحق مثل هذا المبلغ سنوياً؟ والتجديد له رسومه!
ثم لماذا لا يكون الترخيص لمدة خمسة أعوام أو ثلاثة؟ حتى السجل التجاري لماذا التجديد السنوي؟ أليس المصنع قائماً ومنتجاً؟ لو كان مشغلاً نسائياً أو مطعم حمص، لربما قلنا إنه سيقفل بعد التمتع باستثمار التأشيرات! لكنه مصنع له سجل إنتاج وتسويق وتصدير، والصناعة هي الخيار كما يقولون، كان الأولى وضع الطماطم مع الخيار، الحالة ليست إلا نموذجاً، وهو ما ينعكس سلباً على «مناخ» الاستثمار، والتوظيف والتوسع… إلخ.
بحثت في موقع الهيئة العامة للاستثمار عن هذه الـ 14000 ريال ولم أجدها؟ يا ترى أين تذهب؟ لكنني وجدت شيئاً مضحكاً، على صفحة الهيئة عنوان يقول: «تكاليف إنشاء مشروع تجاري»، ضع المؤشر لتفتح صفحة جديدة فيها أرقام عن رسوم الأراضي والكهرباء… إلخ، في آخرها العمالة وتكاليفها، ثم النص على مكافأة نهاية الخدمة لغير السعوديين! وكأن الهيئة تجذب المستثمرين الأجانب بغمط حقوق السعوديين! فعلاً الرمح على أول ركزة!