يحيا العدل

“الحكومة العراقية تعبر عن قلقها من تزايد قتل المدنيين العراقيين على أيدي القوات الأميركية”
(خبر من قناة فضائية)
“ما نقوم به في العراق هدفه تحقيق أمن أميركا”!!
(تصريح لوزير العدل الأميركي)
العدل الذي يحيا هنا هو العدل الأميركي، العدل في القتل والغارات، ليس هناك من تفرقة ولا عنصرية فيهما، المدنيون والمقاومون سواسية، إلا أن يحملوا الجنسية نفسها، وإن لم يكونوا يحملونها أليسوا في الرقعة الجغرافية نفسها! لهم ما لسكانها وعليهم ما عليهم، العدل الأميركي هو العدل السائد والمتحكم في أحوال العالم.
الذي لم أفهمه هو تحقيق “أمن أميركا” من خلال بطشها في العراق في تصريح وزير العدل الأميركي السابق ذكره، فأين العدل يا وزير العدل،  كأنه يقول لا بد من سحق العراق ليتحقق الأمن لأميركا، والعراق على أرض الواقع ذهب مع الريح، تناثرت أشلاؤه وتمت تجزئته، والاغتيالات المنظمة معروفة ومعلنة، لكن ما الفرق بين قيام مجموعات إرهابية بقتل مدنيين ومصلين وحضور مناسبة عزاء، وبين قتل القوات الأميركية لهم؟ لا من فرق سوى قوة البطش وقوة “التنظيف” الإعلامي بعد البطش.
والحقيقة أن أمن إسرائيل هو الهدف المنشود، والقوات الأميركية ليست سوى أداة لتحقيق هذا الهدف، والحقيقة الأخرى أن “عراق صدام” لم يكن يهدد إسرائيل إلا إعلامياً، لكن الولايات المتحدة الأميركية العظمى قررت تقديم درس تطبيقي من خلاله.
الأستاذ عبدالوهاب بدرخان كتب مقالاً نازفاً في هذه الجريدة الأسبوع الماضي معلقاً بحرقة على الإهانة التي لحقت برئيس السلطة الفلسطينية والوفد المرافق له عندما تنازلوا وذهبوا إلى مكتب مجرم الحرب شارون “في القدس المحتلة” للاجتماع به، لم يصرح أحد ويخبرنا عن نوع الإهانة التي ألحقت بأبي مازن ووفده، على رغم أن اجتماعاً مثل هذا مع مثل ذلك المجرم وفي تلك الأرض المحتلة هو إهانة بحد ذاته، أقتطع من  مقال الزميل هذا الجزء:
“لم يكن شارون ليكون على هذه الوقاحة لو أنه اعتبر أن “ضيوفه” في مكتبه هم شركاء، ولو لم يكن لديه في الجانب الفلسطيني من يشجعه على هذه الوقاحة سواء بالتقليل من شأن القيادة الحالية أو بالتلويح بإمكان أو بضرورة استبدالها، وإذ لا يملك شارون سبباً أو ذريعة لسجن الرئيس الفلسطيني الحالي أو محاصرته، فإنه لم يتردد في إضعافه أو استضعافه بشكل علني  ليجعل منه سجين ضعفه” انتهى الاقتباس.
الوضع في فلسطين نموذج مصغر للوضع العربي، في مقال الزميل، قم عزيزي القارئ بتبديل بسيط، ضع أميركا بدلاً من شارون والعرب بدلاً من الفلسطينيين لنفهم حكاية أو ألعوبة السلام والديموقراطية.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.