«وش أحسن؟»

المستهلك في السوق السعودية يعتمد اعتماداً شبه كلي على «رأي» البائع، يستطيع الأخير أن يحرف مسار خيار الشراء إلى ما شاء، بعد أن تحول إلى خبير ومستشار، ومع تعدد السلع والخدمات وتعقيد بعضها، يمكن للمسوق والبائع أن يكون الخبير الأوحد والمرشد، فلا جهات رسمية تثقف، ولا جهات مستقلة توعي أو تفصل، ويعتمد المستهلك على الثقافة الشفهية، الأذن لديه هي أكبر لاقط، وسيلة التعلم الأولى الأسهل، وربما الوحيدة، إنه لا يهتم بالتفاصيل، لا يريد أو لا يعرف وكيف يمكنه ذلك، والحاجات تتعقد بسرعة لحظة بعد أخرى.
يدعم هذا طغيان الإعلان التجاري الماحق مدعوماً بالإعلان الصحافي ذلك «الخبر» التحريري المدفوع ثمنه بالمقايضة.
وما زال البائع على حال القديم، يستخدم شراب «آخر حبة»، ليصرف العينة المعروضة من الجهاز أو السلعة، فهي «آخر حبة متوافرة»، وأكثر ما يطلبه الناس، وهو ممتاز، وقد يستخدم خطافه بقوله الشهير… «إيش ثاني».
أما من ناحية الأسعار، فهناك تسعيرات عدة للسلعة الواحدة، لم يعد البائع يخجل من سؤال مساعده أمام الزبون قائلاً: «كم قلت له؟»، فهناك أكثر من سعر وربما بحسب الجنسية!
تقابل هذا اتكالية مستهلك بالنداء الشهير «وش أحسن؟»، و«عطنا أحسن؟»، يقدم الزبون نفسه على طبق من محفظة حين يعطي القرار للمستفيد.
 المستهلك عليه مسؤولية يتهرب منها، العجز والاتكالية بلغا مستويات عليا، فالذي لا يوقف سيارته في مكان صحيح لأجل الاقتراب أكثر من بوابة وهو في كامل صحته هو نفسه من يسلم رأسه للبائع حين الشراء، أو المهني عند الصيانة ليتذمر في النهاية، وتكاد تصل الاتكالية و«التعجيز» لدى فئة من المجتمع إلى حد يتوقع معه نشوء جدوى اقتصادية لنشاطات «خدمية» جديدة، مع منسوب الاتكالية المرتفع، لن أستغرب لو ظهرت سلسلة مطاعم «ممضوغ»، فهو جاهز ولا يحتاج إلى أي جهد، لتبقى في الفم مساحة أكبر مخصصة للكلام والثرثرة.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.