حماية الذوق العام

طالبت كثيراً بميثاق شرف إعلامي، وجّهت مطالبتي أكثر من مرة وفي مواقع عدة إلى وزراء الإعلام العرب، واحدة من هذه المطالبات كانت قبل اجتماع لهم منذ سنوات، وكنت أتمنى أن تتبنى السعودية هذا المشروع. الحاجة لميثاق شرف إعلامي ليست محصورة في عدم الهجوم أو “الردح” الإعلامي بين الأجهزة الإعلامية للحكومات العربية، بل هو مقاومة ومحاربة الإسفاف الذي يتزايد كل يوم فضائياً، وليتني أعلم ماذا يناقش وزراء الإعلام العرب إذا اجتمعوا، وهم يرون هذا الطوفان من الإسفاف وانحدار الذوق، ولا يناقشونه ويضعون خطوات الإصلاح له، وعلى رغم كثرة هذه الاجتماعات لم نر شيئاً يستحق الذكر.
واستناداً إلى تلك النتائج سالفة الذكر، وبحكم أن الأمر خطير ومؤثر على المدى البعيد في مجتمعاتنا العربية، ولأن “التجاري التصويتي” هو الممسك بزمام الإعلام الفضائي حالياً، يسانده هز الوسط الفضائي، من البرتقالة إلى القرع، فليس لي سوى التوجه إلى الرأي العام والمؤثرين فيه، خصوصاً من الزملاء الكتاب والكاتبات، هنا أقترح جمعية لحماية الذوق العام من كل مادة إعلامية تنحدر بهذا الذوق، مهما كان لون العباءة التي ترتديها، ومهما قيل عنها من إبداع أو تجريب.
إن الذي يشاهد غالبية القنوات الفضائية العربية يعتقد أن العالم العربي يعيش حفلة غنائية كبيرة، وحينما يرى الأوضاع العربية يتساءل عن أسباب إقامة هذه الحفلة الضخمة، هذه القنوات أكدت وتؤكد يومياً صور ألف ليلة وليلة التي استخدمتها آلة الإعلام السينمائي الغربي لتشويه صورة العرب والمسلمين، والأجنبي المشاهد لهذه القنوات يعتقد أن في كل بيت وشارع في بلاد العرب هناك ملهى وديسكو، وأن هز الوسط يتم تعليمه بداية من مرحلة الروضة.
وأصبحت بعض القنوات تعرض أفلاماً غربية أميركية خصوصاً تشوه صورة العربي والإسلامي، وتكرس هذا التشويه الذي يسعى الكثير وفي مقدمهم الحكومات العربية لمقاومته، يأتي هذا الطوفان الإسفافي في وقت حساس، إذ أسهمت أحداث 11سبتمبر، في تقديم صورة نموذجية للعربي والمسلم الإرهابي قاتل الأبرياء بقيادة الفذ ابن لادن وجماعته، والذين يحاولون تحسين الصورة لدى الغرب من الحكومات يتناسون هذا الإسفاف وهذا الاختراق، وكأنه شأن لا يعنيهم، والغريب أنهم لا يبدأون في ما تحت سلطاتهم، فكيف يمكن تحسين الصورة ولديكم كل هذا الإسفاف والتغييب والتجهيل؟! لقد أثبتت كثير من القنوات الفضائية أنها لا تحترم حقوق المرأة، واستخدمت جسدها فضائياً بصورة بشعة، وأثبتت أنها لا تحترم حقوق الأسرة، ولم يعد في قاموسها شيء اسمه عيب.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.