انظر حولك 2-2

في الصين تعلن الأرصاد الجوية عن احتمال وقوع العواصف الترابية قبل ثلاثة أيام، حتى انهم حددوا المواقع التي تنشأ منها تلك العواصف وبدأوا في التشجير لإنشاء سور أخضر، قبل أيام تعطلت الحياة العامة “وهي حياة يرثى لها” في بغداد بسبب العواصف الترابية، أتوقع – والله أعلم – أن تلك العواصف مقبلة علينا، ومن الصعب تقدير الخسائر الناجمة عن العواصف الترابية على الصحة والمحاصيل الزراعية والبيئة إجمالاً، وكذلك على الأجهزة والآلات، إلا أنها كبيرة وكلفتها باهظة، هذه الأمثلة التي سردتها على عجل في مقال أمس واليوم إشارة إلى جهود مجتمعات أخرى تستحق التقدير والاحترام. في قضية البحث عن مصادر جديدة للطاقة لا أجد خطراً مهماً على النفط، في المستقبل المنظور، والله أعلم أولاً وأخيراً، لكن البحث عن طاقة نظيفة أمر في غاية الأهمية وتوطين تقنيتها بالأهمية نفسها، وتجربة القرية الشمسية في السعودية لم تحقق شيئاً يذكر، على رغم طول المدة والموازنات والخبرات الألمانية ولا نعرف السر!
سنوياً، تلهث الشركة السعودية للكهرباء بحثاً عن القروض للتوسعات ومواجهة الطلب المرتفع، وكأن الطريقة التقليدية لإنتاج طاقة الكهرباء هي الخيار الوحيد المتوافر بين أيدينا، وهذا ليس دعوة للانخراط في إنتاج الطاقة بالطرق الخطرة حتى ولو سميت “سلمية”، والحديث عن انشاء مصاف جديدة للنفط في بلادنا يعني مزيداً من التلوث، فقد صدّرت الدول الصناعية الكبرى كثيراً من الصناعات الملوثة للعالم الثالث، وإذا كان في ذلك التوجه حاجة اقتصادية مفهومة فإن التطوير والبحث عن سبل أخرى لإنتاج الطاقة أمر حيوي، خصوصاً أن السعودية بلد مترامي الأطراف، فيه كثير من القرى والهجر لم تصلها الكهرباء حتى الآن، مثلاً من أهداف خطة التنمية الجديدة “الثامنة” التي تغطي الفترة من 1426 إلى 1430، تغطية أكثر من ألف قرية وهجرة جديدة بالكهرباء، بالوسائل التقليدية، حالياً لا ينعم سكانها بهذه الخدمة.
أعود إلى النفايات ونظافة البيئة، نحن لازلنا نعمل في ظل شعار “حافظوا على نظافة مدينتكم”، وفهم النظافة هنا يتلخص في رمي النفايات في الحاويات، ولا يتجاوزه قيد أنملة. الترشيد في “إنتاج” المخلفات والنفايات لم يُطرق بابه حتى الآن، ولا زالت المصانع والأسواق تغرق العباد بالكرتون والبلاستيك الذي لا يتحلل بسهولة، ونحن نتحدث عن تدوير النفايات، بمنطق تجاري بحت، ما يجعلني أتوقع منتجات من التدوير شبيهة بالنفايات! الواجب أن نفهم أننا شركاء في هذه الأرض ، ولا نقبل باستيراد تقنيات تخلص منها الآخرون، أو من باب أضعف الإيمان نستعد لما بعدها، وإذا كنا نوصف الآن بالإرهاب فيمكن أن نوصف مستقبلاً بالتلوث.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.