قطع الأشجار ولا قطع الأرزاق!

الزميل جمال خاشقجي لاحظ قطع أشجار في أحد أحياء الرياض، قرب منزل الشيخ حمد الجاسر، رحمه الله تعالى، استنتج زميلنا العزيز أن الرياض مدينة تكره الأشجار! ربما تكون العبارة أعجبته، ليدونها في «تويتر» مع ما فيها من ظلم للمدينة، لسبب بسيط، أن أية مدينة هي من إداراتها شكلاً ومضموناً، حتى سكانها هم في الحقيقة أسرى لإداراتها، في التشجير زراعة وقطع الأمانة هي المسؤولة، وللعلم منذ قرابة العامين أمانة العاصمة تشتغل على قطع الأشجار، بدعاوى مثل ترشيد استخدام المياه و«وضوح الرؤية»! والبديل زراعة نجيلة تصفر بعد فترة قصيرة، مرة كان السبب إبراز لوحة إعلانية كما حصل في طريق الملك فهد.
وللأمانة هذه الرؤية «إن صح قياس النظر» في القطع كانت قبل الأمين الجديد المهندس عبدالله المقبل. لكن ويا للمصادفة الأمانة الآن تقطع أشجاراً زرعتها وزارة «المواصلات» النقل حالياً، حينما كان المهندس المقبل وكيلاً لها! انظر إلى ميدان التخصصي «تقاطع الدائري الشمالي مع طريق التخصصي»، ولا يعلم كم صرف لأجل زراعة وصيانة وري هذه الأشجار المقطوعة «أتوقّع أرقاماً بالملايين»، المشكلة أن أغلب ما يقطع وأحياناً يجرف بجرافات هو نخيل وأشجار معمرة غاصت جذورها في الأرض، فلم تعد تحتاج إلا لرعاية بسيطة.
وإذا أردت النظر إلى تجربة فريدة في التشجير التفت إلى تجربة هيئة تطوير الرياض في المواقع التي تشرف عليها، الأشجار جميلة والظل متوافر.
كلما حمى وطيس قطع الأشجار في العاصمة أكتب عنها، وكنت كتبت في بداية حملة القطع والقلع «وما أحد جاب خبر»، استغربت لماذا لا تتم التجارب الجديدة في مواقع أخرى متربة هي من مصادر الغبار، وتترك إنجازات آخرين في التشجير تمت خلال فترات ماضية. يشبه هذا في إداراتنا المحلية البناء من جديد بهدم ما شيّد قديماً حتى ولو كان صالحاً ومثمراً، نبدأ بقطع ما زرعه الآخرون.
المدينة مظلومة وسكانها كذلك، إنما فتش عن الإدارة هناك، ستجد من يقطع الأشجار الخضراء وارفة الظلال في مدينة صحراوية تشكو من نسبة تلوث وغبار مرتفعة. ولا تسألني عن السبب، لأن لا سبب هناك يقنعني.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.