بين التجمد والذوبان

تحول حي “المصيف” في الرياض على لسان مذيعة قناة الإخبارية إلى حي “المصيّف” بتشديد الياء، الخبر كان عن مواجهات قوات الأمن السعودية مع مجموعات من الإرهابيين، و “المصيّف” كما نطقتها المذيعة تعني باللهجة المحلية “المتأخر” أي عكس المبكر، لهذا فقد أصبح لدينا حي “مصيّف”!
في الأوقات القليلة التي أشاهد فيها “الإخبارية” أعتقد أن الشرط الوحيد لتوظيف المذيعة هو قبولها الظهور العلني على الشاشة. وفي مقابل ذلك التجمد الذي ناقشته مع بعض الإخوة في هذه الزاوية، وآخرها كان بالأمس. أجد أن هناك حالة من السيولة أو الذوبان في الكفة الأخرى عند اختيار المذيعات! وأتذكر أنني وقبل مدة من الزمن وفي لقاء خاص مع أحد المشرفين على قناة العربية، انتقدت طريقة اختيار المذيعين، وضربت أمثلة لسوء نطقهم لمناطق سعودية مثل القصيم التي يتم تصغيرها بتشديد الياء وغيرها كثير، أما أسماء العائلات فحدث ولا حرج.
بين تجمد وذوبان في حالة المذيعين والمذيعات يقف الإعلام السعودي الرسمي في حالة تخشب، أو كما نقول “على حطة يدك”.
 تقولون: اضرب مثلاً، حسناً سأضرب مثلاً طازجاً، أواخر الأسبوع الماضي جرت عملية إنقاذ، قام بها حرس الحدود وخفر السواحل السعودي لسفينة “جورجية” غرقت شمال محافظة جدة، الخبر قرأته في جريدة “الرياض” يوم الخميس، أنقذ خفر السواحل السعودي بحارة السفينة وقبطانها وعددهم سبعة،  لو كانت هذه العملية تمت في كوستاريكا أو مدغشقر وبثتها وكالة أنباء “يقولون” لوجدناها في أخبارنا الرسمية، وإذا أردت الأخبار “المفرحة” فستجدها أيضاً عن الباندا التي أصبح لها حفيد في الصين أو عن أنثى النمر المخطط ذات الذيل الطويل التي تعيش مخاضاً صعباً في حديقة حيوانات السلفادور.
قلت إن هذا مثل طازج، وهو غير خارق للعادة، لكنه عملية إنقاذ في عرض البحر، وهو خبر محلي، وانظر – حمى الله عيوني وعيونك من شاشات التلفزيون والكومبيوتر – إلى حوادث الطرق في أخبار تلفزيوننا الرسمي، ستجد حوادث الطرق تحدث دائماً هناك في البعيد، انزلق باص في نهر الغانغ وأصيب كذا من البشر، أو أدى تصادم حافلتين إلى مقتل وإصابة كذا “فيذاك”! إذا كان الأمر بعدد الضحايا فلدينا منهم يومياً الكثير، لكنها الأخبار السهلة التي تأتي ولا يذهب إليها أحد، لهذا يبقى إعلامنا الرسمي خصوصاً التلفزيون مجرد صدى للآخرين.
وبالأمس قدم لنا الأستاذ عبدالله السميح تشريحاً لحال المذيع السعودي، وركز على قضية اللغة والثقافة، واتفق معه مئة في المئة، وأسأله وهو المختص وأسألكم وانتم المشاهدون، ماهو الحل مع المذيع والمذيعة، من أولئك الذين يتحدثون من أنوفهم أو من سقوف أفواههم؟ هل هناك دورات لهم “لترصيص” اللسان؟ وهل ولعهم ذاك تشدق أم ادعاء؟!

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.