شهرة المذيع الهشة

رسالة ضافية وصلتني من الأستاذ عبدالله بن متعب السميح،  يعلق فيها على مقالة “المذيع المتجمد” والردود عليها، ووجدت أنه من المناسب نشرها، لما تحتويه من ملاحظات قيمة لمتخصص في الإعلام، وأشكره عليها وعلى ما جاء في مقدمتها عن “أحيانا” و “كاتبها” يقول فيها: “مشاركةً في الرأي لما تطرقتم إليه في زاويتكم يوم الاثنين 3/7/1426هـ أقول: لقد كان حضور القناة الأولى مشكوراً في نقل الصورة، ولكنني ذهلت وأنا أتابع تغطية مراسم البيعة، بسبب الحالة الرثائية التي بدا عليها مذيعو القناة الأولى، ولقد أسهم الإلقاء الباهت واللغة الواهنة في جعل المذيع جزءاً من الفجيعة، مع أنه يفترض أن يكون من دعائم العزاء، ولقد تفوق المواطن السعودي بعفويته وبساطته وصدقه في التعبير على المذيع الذي يعتقد أنه بامتلاك “المايك” قد امتلك كل شيء، إن حشرجة شيخٍ وانتحاب طفلٍ وإجهاشة امرأة كل ذلك كان أبلغ في التعبير عن تلاحم الشعب السعودي مع قيادته.
يا سيدي لقد كان الناقد “علي الراعي” يقول عن مهنة المذيع إنها مهنة الشهرة الهشة، وهو الإذاعي الذي وصل إلى مرتبة كبير المذيعين، ذلك أن المذيعين مشغولون بهذه الشهرة الفضفاضة عن تدعيم حضورهم المقنع في ذاكرة المتلقي، وحتى لا يكون الكلام رجماً بالغيب أعطيك شاهداً من خلال متابعتي لتغطية يوم البيعة، إذ قال أحد المذيعين مبدياً ثقافة تاريخية نادرة إن الملك عبدالله ينحدر من أسرة سعودية!
إن اللغة وعاء الفكر، ولكنها سلاح المذيع، وما لم تصقل بالدربة وتغذ بالثقافة فستصبح عاطلة عن العمل، الأمر الذي يجعل مذيعاً سعودياً يتحدث إلى جمهورٍ سعودي يقول: “إن ملك المملكة العربية السعودية ينحدر من أسرةٍ سعودية” أليس في ما أسلفت مثال صارخ على البطالة اللغوية والثقافية؟ لماذا؟ لأن مذيعينا قد شُغلوا بأناقتهم عن تطوير مهاراتهم الذاتية وقدراتهم الإعلامية، التي لا تتأتى إلا من خلال التدريب المكثف، ومع احترامي لرأي الإعلامي المخضرم، فإن مذيعي المركز الرئيس وهم على تلكم الحالة لم يكونوا أحسن حالاً من زملائهم في الفروع.
إن المطلوب من وزارة الإعلام هو التركيز على التدريب المستمر لكل الكوادر الإعلامية، من مذيعين او معدين او محررين او مخرجين، ومع أنني أنطلق هنا من رأي شخصي محض كمتخصص إعلامي، إلا أن هذا لا يمنعني من أن أزودكم بقائمة البرامج الإعلامية التي يقدمها قطاع العلاقات العامة والإعلام في معهد الإدارة العامة، بصفتي أحد أعضاء هيئة التدريب فيه، هذه البرامج تقدم لموظفي الدولة كافة من الإعلاميين على اختلاف مراتبهم وطبيعة أعمالهم، وهي أكثر من 15 برنامجاً لتطوير المهارات الإعلامية من تحرير الأخبار والتقارير والتحليلات والتعليقات الإخبارية وجمع الأخبار، إلى كتابة النصوص الإذاعية والتلفزيونية وإعداد البرامج و مهارات الإلقاء والعرض”.
وقد وضعها الأستاذ عبدالله  بالتفصيل، ومن خلال جدول لم يتح بسبب مساحة الزاوية نشره، اقترح على مذيعينا الركض إلى معهد الإدارة، لأننا لن نتركهم إلا أن يصلوا إلى المستوى المطلوب.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.