بناء الثقة صعب، والمحافظة عليها أكثر صعوبة، وفي كل الأحوال لا يمكن الاستناد «الوحيد» إلى صدقية جهة لها مصلحة رئيسية في قضية ما، هنا لا بد من جهات أخرى محايدة وقادرة على التأكد. هذه الجهات تمثلها في موضوعنا كل من هيئة الغذاء والدواء ووزارة التجارة.
الطريقة المتبعة حالياً للفحص هي أخذ عينات من البضاعة مع بقائها في مستودعات الوكيل أو الشركة، والتزام الأخير بعدم توزيعها في الأسواق. هذه من نقاط الضعف الكبيرة، إذ تخضع لأمانة إدارة الشركة وقدراتها الإدارية في المقام الأول، ثم قدرات الجهات الرقابية في التحكم والسيطرة.
وفي قضية حليب الأطفال تشغيلة أو تشغيلات «سيملاك غين بلس» المحتمل تلوثها، ظهر التباين بين الجهات المعنية على اختلافها.
سارعت الهيئة لطمأنة المستهلكين لعدم وجود عبوات من التشغيلة الملوثة في الأسواق، إذ إنها – بحسب بيان الهيئة الأول – لم تفسح منها، وتحرياتها أثبتت عدم وجودها في الأسواق. ثم سارعت الشركة إلى الإعلان عن ذلك مستندة إلى بيان الهيئة، وظهر لاحقاً أن المنتجات تسربت للأسواق، وأعلنت وزارة التجارة تلقيها بلاغات بوجود عبوات من التشغيلة المشتبه بتلوثها وأنها تسربت للأسواق من قبل الوكلاء المعتمدين.
يتضح هنا أن تحريات هيئة الغذاء والدواء لم تكن دقيقة، ولا يعرف على ماذا اعتمدت، ومن الخطير أن يكون الاعتماد على كلام الشركة أو الوكيل وأخذه على أنه دقيق وصادق.
إن الحلقة المفصلية هنا هي في أسلوب الفحص والاعتماد على الثقة بالشركات والوكلاء في عدم تسويق ما في المستودعات إلى حين صدور تقارير سلامة المنتج، هذا في العام. أما في هذه القضية فإن هيئة الغذاء والدواء في حاجة إلى مراجعة أسلوبها في العمل، والإعلان عن المتسبب في توزيع منتجات لم يصدر لها تقرير بسلامتها مع تطبيق النظام عليه بشفافية. وبدلاً من المداورة كان على الشركة الاعتذار للمستهلكين، والتحذير من وجود منتجات يحتمل تلوثها، وتوضيح نقاط البيع التي تم الشراء منها للحد من تضرر الأطفال المحتمل. وزارة التجارة تشكر على شفافيتها، وتُنتظر نتائج تحقيقاتها مع وكيل وموزعي المنتج لوضع حد للتجاوزات.
asuwayed@