بدلاً من التفرد تستنسخ بعض المدن الصغيرة مجسمات «جمالية» وأفكاراً من المدن الكبيرة، وعلى سبيل المثال حتى لو لم تكن هناك حاجة إلى طريق عريض للمشاة يتم بناؤه، لأن مثله وجد في المدينة الكبيرة فهو من مظاهر التطور والرقي، وبعد المباخر والنوافير جاءت موضة الأحجار الملونة، وأتوقع لها نمواً وانتشاراً عملاً بمبدأ التقليد المنتشر. أما مداخل المدن الصغيرة فهي الشغل الشاغل لبلدياتها تصب فيها الميزانيات، والتعديل في هذه البوابات هو الغاية، والرّصف والإنارة مطلوبان ولهما حاجة، لكن ما يطلق عليه «مجسمات» ففيه نظر.
ولنا في «النوافير» تجربة يعلوها الغبار، تجدها في الشوارع وعلى الأرصفة، وحتى داخل بعض المباني الحكومية «نوافير» تحولت إلى مستودعات للأتربة، مع أن هذه المباني تشكو أساساً ازدحام المراجعين مع ضيق الممرات والمكاتب.
في المدن الصغيرة قد تكون الحاجة ماسة إلى عمل جسر صغير على «شعيب»، أو مواجهة التصحر بالتخضير اعتماداً على الأشجار المحلية لا المستوردة، ربما ردم حفر خطرة، أو إصلاح طريق أو رصيف مدرسة، لكن كل جهة حكومية تعمل بمفردها، وكأنها جزر منعزلة.
أذكر المدن الصغيرة لأن النقص في مرافقها واضح للعيان، لا يضيع وسط مساحة مترامية مثل المدن الكبيرة، وهي تستطيع الحفاظ على هوية وتفرد عن غيرها إذا ما ابتعدت عن الاستنساخ، باستخدام المقاولين ذاتهم مع مخططات وتصاميم سبق استخدامها، يمكنها لو أرادت استثمار موارد البيئة وطبيعة جغرافيتها لتقدم صورة مختلفة ومميزة، إذا كان التميز هو المنشود، على رغم أن الوفاء بالاحتياجات هو عنوان التميز، لكنه الشكل الذي غلب على المضمون.
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط