خرائط التقسيم!

عادت خرائط التقسيم للبلدان العربية إلى البروز على سطح الإعلام الغربي، ولا أفضل من إبرازها الآن، مع أوضاع مأسوية تعيشها أكثر من دولة عربية، كأن الثمار في طريقها للنضج. التفاحة التي قيل إنها ستسقط تدحرجت الآن، بل إن هناك أكثر من تفاحة جاهزة للأكل من دون عجلة لتناولها، وحينما يكون الفرد وسط العاصفة لا يرى طرفاً لها، إنه لا يتمكن من الإلمام بمدى قوتها وحجم تأثيرها وإلى أين سيصل؟

ما أطلق عليه «الربيع العربي» جرى من تحت الأنظمة العربية مثل سيل منقول، والسيل المنقول هو فيضان تجمّع من أمطار هطلت في نقطة بعيدة، ليصل إلى مناطق لا سحاب فيها ولا مطر، جارفاً كل ما اعترض طريقه.
وكما اكتشفنا أن فيضان الربيع العربي وغليانه ظهرا وعلا شأنهما من دون رأس معلن يقود الربيع، فلا يظهر مدبّر له تنظيماً وتوجيهاً، على رغم قوة زخمه وسرعة انتشاره، لذا تم تشخيص الأسباب على أنها مجموعة تراكمات لعقود من فساد الأنظمة، وجمود أحوال عانى منها المواطن العربي.
مثلَ هذا تبرز خرائط التقسيم من دون رأس مدبّر لها، لا يتبناها أحد، ولا ينفيها أحد. لكن المشكلة الأهم أننا لا نرى أحداً يأخذها على مأخذ الجد من الدول المستهدفة للعمل على نزع فتيلها، أو كشف أدواتها، ومداواة مسببات تستخدم لتسويقها. والحقيقة أن التقسيم واقع الآن في بلاد عربية، تختلف نسبة نضج الطبخة من دولة لأخرى وفق أحوالها الأمنية والسياسية.
الأطراف السياسية المتنازعة في دول عربية تعيش أزمات سياسية، تصل في بعضها إلى حرب معلنة، لا تفكّر في هذا الخطر، ولا تضع خصوماتها على الرف، ولا تتنازل ولو مؤقتاً لمصلحة أهم وأبعد وهي وحدة البلاد، بل تحولت من حيث تدري أو لا تدري إلى أدوات لرسم خريطة التقسيم.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.