سعيدة هي الدويلة اليهودية بأعدائها مثلما هي سعيدة بأصدقائها، لديها أعداء يقدمون لها الخدمات بقصد أو من دون قصد، كل هذا لأجل عيون الجماهير وزجهم في الشوارع رافعي قبضاتهم في الهواء ومهددين بالويل والثبور وعظائم الأمور الخطابية، وإذا دققت في تاريخ هذه الدويلة اليهودية منذ أن أنشأتها العصابات الصهيونية بالإرهاب المنظم والمجازر ستجد العجب، الأمثلة أكثر من أن تحصى، خذ مثلاً أحفاد الثورة العربية التي وعدت برمي إسرائيل في البحر تحولوا بالدهاء السياسي والوعود بالمن والسلوى إلى وسطاء، يستنجد بهم العدو السابق عند كل محنة، ويستخدمهم متى شاء وكيف شاء، أما الرئيس العربي الذي هدد بتدمير إسرائيل بالسلاح الكيماوي في يوم من الأيام، وأرسل صاروخاً أو صاروخين لتأكيد التهديد، فهو لم يدمر في الحقيقة سوى شعبه وبلاده، وهاهو وحيد في الزنزانة ينتظر الحكم.
كنت أعتقد بدهاء السياسة الإيرانية وذكائها، ففي الوقت الذي تواجه ضغوطاً أميركية دولية بسبب الملف النووي، تستطيع وعلى مرأى من أعينهم بل وتحت وصايتهم الأميركية البريطانية عمل ما تريد في العراق، ولعل من اللافت أن جميع الأهداف التي يضربها الإرهاب في العراق محصورة في العراقيين من سنة وشيعة أو من الأميركيين بدرجة أقل كثيراً، ويتم ملاحقة السفراء العرب أو من في حكمهم بتخويفهم وخطفهم أو اغتيالهم ، ولا مانع بين فينة وأخرى من خطف ياباني أو فيليبيني، حتى بعثات الأمم المتحدة لم تستثن من الاستهداف، لكننا لم نسمع أو نقرأ عن هدف ايراني وحيد تم استهدافه، على رغم تواتر الأخبار عن الدور والوجود الإيراني الكبير المتغلغل في العراق الجديد، قد يكون هذا جزءاً من الثمن الذي تدفعه فلول القاعدة بعد الهروب الكبير من أفغانستان تجاه الحدود الإيرانية، من يدري؟ من المؤكد أن هناك من يدري، وهنا أتساءل: هل من المعقول أن يكون ذلك مصادفة؟
التهديد والمطالبة الإيرانية بشطب الدولة اليهودية من الخريطة هو هدية كبيرة تقدم للعدو في يوم القدس، ومن المعلوم أنها لن تنفذ فلا القدرة تسعف في ذلك ولا الواقع السياسي العالمي، ولكنها سلطة الشارع السياسي، هذه الدعوة الهدية لا يمكن وصفها بالفهم البسيط سوى أنها مراهقة سياسية، ومزايدة عاشت عليها أنظمة عربية ردحاً من الزمن. المعلوم أن الدولة اليهودية تعيش عصرها الذهبي، هي لم تكن أقوى أو أكثر أمناً مما هي عليه اليوم، حتى انها لم تعد تحتاج لاستخدام جيشها لتحقيق مطامعها، لديها برسم الخدمة جيشان لدول عظمى، الدويلة اليهودية تنتظر وتراقب ذرائع هنا وهناك من أخطاء وتراكمات الأنظمة الشمولية، وعليها أن تؤشر ليتحرك بلير وبوش.
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط