أنفلونزا الصقور

الحب أعمى، لهذا يصر صديقي الصقار على أن وباء أنفلونزا الطيور لا يمكن أن يصيب الصقور، إذ يعتقد أن هذا الوباء يصيب “الرخوم” من الطيور و “الداج” أو الداجن منها أما غضبان وكحيلان “الأحرار” فلا يمكن لهذا الوباء المخيف أن يمس ريشة من ريشها، ويدلل على ذلك بأن الوباء أصاب أول ما أصاب الدجاج، قبل سنوات كانت أنفلونزا الدجاج هي حديث العالم، ورَأْينا في الدجاج معروف، نضع كل العيوب فيه ونستمتع بأكله، ثم تحول الوباء من الطيور الداجنة إلى المهاجرة، فأصبحت رحلات هذه الطيور بين القارات مثل الرحلات الإرهابية المرعبة.
عين الرضا والإعجاب المصاب بها صديقي لجهة الصقور واحتفاله بها تجعله يعتقد بأن أصلها الحر هو جهاز المناعة الذي يتصف به، وهذا وحده كاف، وهو بهذا الموقف يستدعي إلى ذاكرتي موقف رجل مغرم بأحد أنواع الجبن الشهير، وعندما انتشرت أخبار شحوم الخنزير أنكر تماماً أن يكون لهذا الجبن نصيب منها.
وعلى رغم أنني أحذر الصقار كثيراً من هذا التفاؤل الأقرب إلى الإفراط، إلا انه يدعم رأيه بعدم استخدامه الدجاج في أعلاف صقوره، على رغم أنه لا فرق يذكر بين الدجاج والحمام والسمّان، لأن الوباء يطير ويُستورد في رحلات منتظمة، والحمام هو الطعام المفضل لصقور صديقي.
مثل هذه القناعة ربما تكون متوافرة بصورة شبه رسمية لدى بعض الجهات المعنية بحماية بلادنا من هذا الوباء. غالباً ما نتفاعل مع الأحداث متأخرين، وبلادنا من الدول المستوردة للطيور بكل أنواعها وأشكالها، وطيور الزينة منها لها مواقع في كثير من المنازل ارتبط بها الأطفال والعائلة، هذا من جهة، ومن جهة أخرى أجواء بلادنا تمر حالياً بموسم الطيور المهاجرة، والصيادون “كشتوا” حاملين أسلحتهم، وفي وسط إجازة جميلة، ولا بد من أنهم سيتعاملون مع الوباء مثلما تعامل أجدادهم مع أسراب الجراد المرشوش بالمبيدات، لدى الكثير منا قناعة بأن ما يأتي من الفضاء والصحراء هو نظيف، بل وأنه علاج فعال، لأنه يتغذى من كل بستان بزهرة ومن كل عشبة ببذرة، وسبق أن كتبت عن دراسة علمية تشريحية غاصت في أعماق بطن حيوان الضب، وأكدتْ أنه يأكل الخنافس ويتبقى في أمعائه بقايا سامة منها، وغضب علي هواة أكل هذا الحيوان، وأتوقع النتيجة نفسها من صيادي الطيور المهاجرة ومربي الطيور مثلهم، أما الجهات المعنية بالحماية، فنرجو ألا تكون في حال مثل حال صديقي الصقار الذي لا يريد الاقتناع بأن الوباء يأتي من الفضاء، بل استثمر الإجازة لتدريب صقوره استعداداً لموسم الصيد أو الأنفلونزا، والحافظ هو الله سبحانه.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.