نظرية «المقامرة»!

يعتقد البعض أن من «الثقافة وعمق الرؤية والإدراك» رمي أي رأي فيه شكوك حول قضية مربكة أو حدث ملتبس بالوقوع في فخ نظرية المؤامرة. يتجاوز الأمر عند البعض إلى رد مبرمج آلي، أنت مؤمن بنظرية المؤامرة؟ لكن هل هذا في مجمله صحيح ودقيق، وأن القضايا والأحداث تنشأ وتتصاعد بالصدف! أم أن المراد هو محاولة لإلغاء العقل ومحاولة التفكير؟
في السياسة الفخ في الحقيقة هو ألا تتوقع مؤامرة، ومشكلة هذا الفخ أنه على درجات، إلا أنه في قضايا مصيرية الشك واجب والنظر بين فاحصة وشمولية له الأهمية، في مقابل نظرية المؤامرة هناك ما أسميه نظرية المقامرة، والعالم العربي غاطس فيها حتى شوشته.
عند غزو القوات الأميركية للعراق بذرائع ثبت زيفها لاحقاً، قامت هجمة إعلامية مركزة ضد كل من يشكك في الوعود والذرائع الأميركية – البريطانية، تم وصف كل صوت معارض للغزو بأنه أسير «نظرية المؤامرة»، بعد هذه الأعوام يتبين أن غزو العراق ليس إلا حلقة في سلسلة طويلة، العالم العربي الآن يقبع في أسوأ حلقاتها، والله أعلم بما هو مقبل. الغرب والشرق يلعب الآن مقامراً بمصير العالم العربي على طاولة قمار بيادقها وأدواتها دوله وشعوبه، وكل المؤشرات تؤكد أن الصراعات العربية – العربية ستطول أكثر فأكثر، والاستقطابات تزداد حدة، حتى الدول التي انتهت ثورات فيها، وتم إسقاط الديكتاتور في غالبيتها، تسير بخطى حثيثة إلى تفتيت المكونات. هل كانت ثورات «الربيع العربي» حلقة في سلسلة بدأت بغزو العراق؟ النتيجة الحاضرة أمامنا تقول ذلك مهما زيّنت وجمّلت البدايات، صحيح أن بداية ثورات العرب جاءت من شرارة غضب بسبب عقود من الظلم والاستبداد، لكن الفخاخ دائماً ما تجمّل، ويتم الإغراء بها بطعم لذيذ، العرب في حاجة إلى صوت العقل، لكن لا صوت يعلو الآن على صوت العاطفة المفتتة والجاري تفتيتها أكثر فأكثر، وصوت العقل يحتاج إلى إرادة، وهو ما يطرح السؤال المر: ما هي حدود امتلاك العرب لإرادتهم؟

 

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.