“نستاهل”

تجتهد الحكومة السعودية في تحسين صورة البلاد في الخارج، وتنظيف ما أحدثه الإرهاب من تشويه لمجتمعنا، وفي هذا السياق يكافح سفراؤها خصوصاً في الدول الكبرى لتحقيق هذا الهدف، بعقد الندوات والفعاليات التي تحكي حقائق عن بلادنا ومجتمعنا، وتقول اننا مجتمع بسيط، مثلنا مثل بقية المجتمعات، ولا تكتفي الحكومة السعودية بذلك على مختلف المستويات، بل ان وفود مجلس الشورى التي تسافر بين حين وآخر وتجول بلاد العالم، يُعد تحسين الصورة واحداً من أهدافها، وعلى أعلى مستوى، دعت القيادة السعودية إلى مؤتمر لمكافحة الإرهاب عقد في الرياض، وطالبت بإنشاء مركز لمكافحة هذه الآفة العالمية، وما زالت تحاول إقناع دول أخرى لتحقيق هذا الهدف.
من جانب آخر، تحرص الحكومة السعودية على نشر الحقائق عن واقع التنمية في البلاد، ودور المواطن السعودي في تحقيق تلك التنمية.
ايجابية مثل ذلك أمر معروف، والحاجة إلى استمراره قائمة، لكن ما يستغرب هو الاحتفال بفقاعات إعلامية، يدعمها إعلامنا ويضخمها، مرة بالتمجيد والاحتفاء، ومرة بالتمويل من بعضنا، لتقوم في النهاية بإنتاج أعمال تسيء أول ما تسيء لمجتمعنا، في تشويه بالغ لصورة المواطن السعودي، فهو عندهم كالنائم في العسل، وكل من حوله يبني ويهتم ويشيد في بلاده ولأجل سواد عيونه، حاضر بجسده فقط، مثله مثل الثياب والأشمغة على أبطال الإعلانات الاستهلاكية المضحكة الموجهة إليه، مثال لذلك، بعض المسلسلات التي احتفي بها إعلامياً، والمصابة بحول في العيون، تجارب كثيرة لا توضح سوى حقيقة مرة، حقيقة عندما تسفر عن وجهها لا تظهر سوى رؤية من كتب وأنتج وأخرج… عنّا، وهي نظرة غير محايدة، بل وتشم منها رائحة العنصرية، ومصابة بنظرة دونية تجاه المجتمع الذي مول طرف منه هذا الغثاء، واستهلكه طرف آخر.
عايشنا احتفاءات كثيرة بمنتجين ومخرجين وإعلاميين، جاؤوا معززين مكرمين، وفتحت لهم مقاعد الدرجات الأولى وأجنحة الفنادق المجانية، ووجدوا من يستقبلهم ويمول أفكارهم التجارية، تحت وهم معالجة شأن أو ظاهرة أو عمل فني مبدع! ثم تظهر صور مثل الصور التي شاهدناها في شهر رمضان الكريم، المهم أن النقد الإعلامي يجب أن يوجه لمن احتضن مثل هذه الأعمال، وأسهم في بثها، فأمثال تجار شنطة الأعمال الفنية من كتاب ومنتجين ومخرجين، هم في الحقيقة يبحثون عن المال في مجتمعات براميل النفط، فإذا وجدوا برميلاً وقاموا بدحرجته، فهو أمر يعتبر نجاحاً لهم.
الواقع أننا ما زلنا على حالنا القديم، ولا نعلم هل هي سذاجة أم تجارة بالقضايا، والنتيجة أننا “نستاهل”.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.