وحقوق الصبيان

لا أحد أحسن من أحد، هذا ما تريد إدارة الرئيس بوش أن تقوله لنا، من كشفها عن قضية تعذيب العراقيين للعراقيين، المثير في التسريب الخبري لقضية التعذيب الجديدة أن القوات الأميركية المحتلة كانت “يا حبة عيني” تبحث عن صبي مختف، هذا البحث الإنساني “المجنزر” قادها للعثور على وكر التعذيب المخزي، وهنا نكتشف جديداً وهو أن حرص الأميركان على حقوق الصبيان، هو سلسلة من الاهتمام بحقوق المرأة والإنسان، ولا تستغرب عزيزي القارئ أن هذه القوات هي نفسها التي جمع أفراد منها مجموعة من الصبية العراقيين وقدموا لهم الهدايا المدرسية لجذبهم وبعد أن غادر الجنود مسرعين انفجرت سيارة مفخخة في الصبية المساكين، كانت كارثة مروعة لم يتم فيها لا تحقيق ولا مساءلة وقيدت ضد الإرهاب المجهول، يمكن لك أن تقيَد على حساب هذا الإرهاب البغيض كل ما يخطر على بالك أو يحقق أهدافك، وفَر ابن لادن وجماعته الإرهابية كل ما تشتهيه الأنفس الاستعمارية، وبحكم أننا في مناخ أميركي عجيب لا ينطبق عليه سوى المثل العربي “شر البلية ما يضحك”، ولأن اللعب الدموي أصبح على المكشوف فإنه لا مجال للخجل من أن يشير الإعلام إلى مذكرة للحزب الحاكم في أميركا يتم تداولها عن أوضاع إدارة الرئيس الشعبية هناك وتتمنى هذه المذكرة هجوماً جديداً من ابن لادن على أميركا لعله يسارع إلى إنقاذ الإدارة الأميركية، ولك أن تتوقع شيئاً من هذا القبيل قريب الحدوث.
لكن ما سر هذا الصبي العراقي المختفي، الذي دفع بأكبر جيش في العالم للبحث عنه، هل تأثر الجنود لدموع والدته المظلومة؟ أم انه الوحيد الناجي من حفلة قتل عائلية، القوات التي دكت البيوت على رؤوس أصحابها، ودمرت العراق لأجل عقود الإعمار، ونفت ثم أثبتت أكثر من مرة استخدامها لأسلحة محرمة، وقتل جنودها كثيراً من المدنيين تبحث عن صبي مختف؟!
فهل نحن أمام دولة عظمى مصابة بانفصام في الشخصية، في المساء تتحول إلى قاتل وما ان يشرق الصباح حتى ترتدي معطف الطبيب!
إدارة الرئيس بوش التي تتحدث عن الطائفية هي من أسس لها منذ أن غزت العراق واستحدثت مصطلح المثلث السني، وهي تكرسه بحملاتها المركزة، كان أمام هذه الإدارة الغازية خيارات عدة، لكنها انساقت وراء حملات الثأر والتطهير أو قادتها وتسترت عليها، وبدلاً من أن تقدم أنموذجاً عالمياً للديموقراطية والأمن وتحث على خيار إنساني حقيقي، مثل خيار مانديلا، تدفع بالأمور إلى نموذج لا يختلف كثيراً عن نموذج رواندا.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.