(الحقد على الغرب)

هذا كتاب فريد له صلة بصورة غير مباشرة بمقالة أمس، «بين الهولندي وبوكوحرام».
في كتاب «الحقد على الغرب» لـ«جان زيغلر» ينطلق المؤلف باحثاً عن أسباب حقد وكراهية أهل الجنوب لأهل الشمال، دول العالم الثالث الفقيرة أو النامية للعالم الغربي الغني المتقدم. وميزة الكتاب أن مؤلفه هو المقرر الخاص للأمم المتحدة بالحق في الغذاء من 2001 حتى 2008، وعضو الهيئة الاستشارية للجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة وأستاذ علم الاجتماع في جامعة جنيف، ويهدف المؤلف من الكتاب – كما ذكر في المقدمة – إلى «اقتلاع جذور هذا الحقد، وكذلك استكشاف سبل تجاوزه».
أيضاً هو يتفهم تلك الكراهية ويأتي بتجارب ومعاناة عاشتها شعوب آسيا وأفريقيا وأميركا اللاتينية مع سياسات الغرب وشركاته الضخمة. ثم إنه – بحكم عمله – خالط عدداً من المثقفين من دول الجنوب ممن عملوا ويعملون في هيئات دولية وتعلموا في الغرب، وهم على رغم ذلك لا يترددون في البوح بالمرارة من سياسات الشمال تجاه الجنوب. والشمال يقصد به الدول الغربية المتقدمة اقتصادياً وعسكرياً. الكتاب صدرت ترجمته للعربية عام 2011 من دار «غروس برس ناشرون».
يحاول «زيغلر» الإجابة عن سؤال طرحه فيقول: «كيف باستطاعتنا أن نجبر النظام الرأسمالي الجديد المعولم على الكف عن إخضاع بقية العالم لسلطته المجرمة»؟ ويطرح غيره من أسئلة عميقة، والمؤلف يكتب من تجربة ميدانية من نيجيريا إلى بوليفيا، يبدأ بالاستعمار ولا يغفل الاسترقاق واستخدام الفساد وسيلة للهيمنة. كما يأتي على دور منظمات دولية، مثل البنك الدولي، يكشف عن تدليسه وتلاعب الشركات الضخمة بمقدّرات الشعوب الفقيرة، ومن ورائها حكوماتها الغربية. يخلص إلى أنها تتعامل بتهكم وعجرفة ولغة مزدوجة.
والشاهد الذي أعاد للذهن هذا الكتاب ودفع لعرض سريع أننا وسط استقطابات وحروب في الوطن العربي، ودور الغرب فيها حاضر. إن العرب والمسلمين ليسوا الوحيدين الذين لهم رأي سلبي في سياسات الغرب، بل كثير من شعوب العالم.
هذه السياسات لا شك في أنها من منابع التطرف ومصادر تغذيته، إن لم تكن المصدر الرئيس.

 

 

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.