زعتر «وطني».. ولكنه أزرق

كنز «الوطنية» استنفد تجارياً. تم استغلال هذه الصفة حتى لم يصبح لها سوى المعنى التجاري. كتبت مراراً حول هذا من زمن بعيد، محذراً من أننا حينما نحتاج إلى مخزون هذا الكنز سنجد أنه تم استلابه ليتحول إلى شيء آخر لا علاقة له بمعناه الأصيل. تُمكنك قراءة المشهد الآن لمعرفة الضرر الذي وقع.

الوطنية كما يفترض تتعارض مع الاستغلال والغش والاستئثار، لها نهج المصلحة العامة، بل وتتجاوز ذلك إلى تغليبها على المصلحة الخاصة.

وزارة التجارة والصناعة أعلنت عن مصنع «وطني» يغش في تعبئة الزعتر. أصبح الزعتر بلون أزرق، على رغم أن لونه الطبيعي أخضر، لكنها الوطنية!

استغربت أن الوزارة في بيانها حرصت على «وطنية» المصنع، كان الأولى أن يقال مصنع محلي، منتج في الداخل، أما مسألة الوطنية فلا علاقة لها برأس المال.

لا تُمكن المزايدة على وطنية أحد، لكن استغلالها تجارياً لا معنى له سوى دغدغة العواطف وشكل من أشكال التسويق، كان هذا مفهوماً أيام بدايات الصناعات «الوطنية» ومحاولة تشجيعها، لكن انتشار ذلك حتى يصل إلى كل علامة أمر لا يصح.

هذا الاستغلال غير محصور في الشركات، بل في لجان تجارية تتبع مجلس الغرف، غرضها الأساس الحفاظ على مصالح شريحة محددة من التجار في مقابل المجتمع، ومع ذلك تتزين بـ «الوطنية». لذلك لم أستغرب ما صدر عن اللجنة «الوطنية» لتجار السيارات التي انتقدت نتائج استبيان عملت عليه الوزارة، أكد ما اشتكى منه المستهلكون من تجار ووكلاء السيارات منذ عقود. خرجت الوزارة من الاستبيان بنتيجة نعرفها جميعاً، ومع ذلك ظهرت «الوطنية» الحقة في تصريح رئيس لجنة وكلاء السيارات، هاجم الوزارة ومعها من عمل على الاستبيان، بل تجاوز الأمر ذلك إلى بيع الكلام. في تصريح رئيس لجنة وكلاء السيارات قال: «وأوضح أبوشوشة أنهم في لجنة وكلاء السيارات يعملون مع وكلاء السيارات بشكل دائم ومستمر لحماية المستهلكين».  

«يا كبرها… حماية المستهلكين»!

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.