(عندما يقود الذئب حصاناً)

تقاس قوة محركات السيارات بقوة الحصان، فيقال إن قوة محرك هذه السيارة كذا حصان، ويبدو لي أن البعض صدق أن السيارة هي في الواقع مجموعة من الأحصنة المتحفزة نافرة العروق يمسك السائق بزمامها غير ممانع من الصهيل! على هذا الأساس يقود السيارة ويتعامل معها، فإذا كان من «شلة الذيب» و«ذيبان» يمكن فهم واقع المعط والانتهازية، وهي حال قيادة السيارات في بلادنا.
ما غاب عن فطنة السائق الذئب أن أحصنة محرك السيارة لا ترى ولا تشعر، هي خيول حديدية من دون عيون، ليس لها من الأحصنة سوى عنفوان غير محسوب العواقب وحوافر من دون إحساس، وهي تتحرك مسرعة أو بطيئة بحسب عيون وشعور و«حس» قائدها الذئب.
هي تختلف عن الحصان أيها الفارس الذئب، الحصان يرى ويسمع، يتجاوز العوائق، وهو حينما يسرع بجوار حصان آخر يترك مسافة مناسبة فلا يحتك ولا يحيد إلا إذا كان قائده ذئباً مفترساً.
لم يخطئ مصنعو السيارات في جعل قوة الحصان مقياساً لقوة المحركات وسرعتها، هم وضعوها لبلاد تحترم قيمة حياة الإنسان أولاً، لكن حينما لا يصبح للحياة قيمة يفترض أن تعدل المواصفات خصوصاً في بلادنا، ومع حال تكيف وصلت إلى حد الغرق في فوضى عدم الضبط والانضباط أقترح اعتماد قوة الحمار كمقياس لأداء محركات السيارات، الحمار أعزكم الله لا يعرف العنفوان إلا في حالات استثنائية، جُبل على الصبر والتنقل بهدوء وتحمل، وهو من دون شك إذا ما قورن بالحصان «حيوان» لا يشبع نهم الفارس الذئب للسرعة والمناورات الخطرة، ربما حينها ستتقلص أعداد ذئاب الشوارع.

 

 

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.