نسمع ونقرأ في الأخبار عن جرائم «هزت» المجتمع، التعبير هنا مجازي، لكن الهز حاصل فعلاً، وإن بصورة مختلفة، توابع «الهز» قلق واستهلاك للإشاعات مع عدم وضوح رؤية، وأنا أفهم أنه عند وقوع جريمة فإن سلطات الأمن تقدم معلومات بسيطة لمصلحة البحث والتحري، وبانتظار التحقيقات، لكن بعد مرور فترة معقولة من الأيام والأسابيع يفترض أن يظهر شيء، معلومات جديدة، أو بيان كل فترة عن المستجدات.
كثيرة هي الجرائم التي قرأنا وسمعنا عنها ولم تنشر تفاصيل التحقيقات فيها، لكن بعضها يختلف عن بعض، مثلاً جريمة مقتل طفل (11 عاماً) في الرياض، متهم بها خادمتان لم تتكرم علينا الشرطة بنتائج التحقيقات، ليست هذه الجريمة الوحيدة التي تحولت إلى أسئلة تبحث عن إجابة، وإلى مصدر للإشاعات.
لكن قضية عدم الإفصاح هنا ليست محصورة في جرائم مرت عليها أسابيع بل أعوام، مثلاً قضية استعادة موظف في شركة الاتصالات متهم بالاختلاس والتلاعب ببيانات المشتركين لها أعوام، وتمت استعادته أخيراً من الإنتربول، النتائج لا حس ولا خبر.
وكأن المواطن ليس سوى راكب في صالة الـ«ترانزيت»، يسمع عن رحلات قادمة وأخرى مغادرة، وينتظر رحلته التي تخصه هو فقط!
تشبيه بليغ وموضوع في غاية الاهمية، فعلا فقد تكسرت النصال على النصال في جسم هذا الوطن، وترك المواطن يعد الضربات دون ان يعرف حقيقة مايجري، دوافعه، تطوراته، مصادره وكان المواطن مسافر في صالة الترانزيت. يشغلني دائما ما يجري على حدودنا الجنوبية وتتابع افواج المتسللين عبر البر والبحر وأشعر بالخوف ولكن سأتذكر من الان فصاعدا أنني لست الا مسافرا في صالة ترانزيت ينتظر الاعلان عن رحلته ومغادرة الصالة