العاطفة «الحمقاء»!

الوقت مناسب الآن – حتى ولو كان متأخراًَ – لبحث علة «العاطفة الحمقاء» المصاب بها كثير من المسلمين، عرباً وغير عرب، والمصطلح نحته الكاتب الأردني هشام الهبيشان في مقالة طويلة له بعنوان: «كيف نجح الحلف الصهيو ماسوني في إعادة إنتاج الإسلام؟»، وغرض مقالة الكاتب مختلف عما أرمي إليه من استلال هذا المصطلح، إذ وجدت فيه مع بساطته تعبيراً دقيقاً لما نعاني منه.

لماذا يسهل استدراجنا باسم الدين؟ لماذا يهرع الكثير وراء أية راية ترفع باسم الإسلام من دون تدقيق وتمحيص وتعمق؟ لماذا تتحول هذه العاطفة إلى حلقة متينة معلقة بالرقاب يمكن لأي خطاف مزيف خطفنا بها، حتى ولو كان لحرق الإسلام والمسلمين وقتلهم؟

وللتبسيط بالأمثلة لماذا يستطيع رسام كاريكاتور في أقصى الغرب تحريك جماهير في الشرق الإسلامي لينتج من هذا التحريك فوضى وقتلى من بينهم وتخريب إمكانات وطنهم؟ هذه الصورة تجاورها صورة أقسى وأكثر مرارة في حال متحصلات «الربيع العربي»، العاطفة الحمقاء دفعت بالكثير إلى الالتحاق بجماعات مسلحة لا يختلفون عن المرتزقة يصورهم الإعلام «مجاهدين»، ويصر على هذه الصفة ويلحق به إعلام عربي، ولا ينتج عن أعمالهم سوى قتل المسلمين وتدمير بلدانهم وتوفير الذرائع للطامعين للتدخل والبطش كما يحدث في العراق وسورية، يقتل من يقتل ويصحو من يصحو بعد فوات الأوان ليعلن أنه تم التغرير به، لم يكن يدرك! كان في غيبوبة واستفاق. لنرى كيف أسهمت العاطفة الحمقاء في تحويل انتفاضات ومطالب شعبية في سورية والعراق ووضعها في خانة الإرهاب واستدعت واستعدت كل العالم ليتحد ضدها، والنتيجة قتل وخراب والساحة أرض العرب والمسلمين وتمدد إيران بتوافق أميركي. كم نحن بحاجة إلى ترشيد هذه العاطفة لتتحول إلى عاطفة إيجابية منتجة متوازنة لا يسهل استدراجها من أي مفوه وحافظ لنصوص دينية يكتشف لاحقاً أنه عميل لمخابرات جند في سجونها، تحف به وتحميه مجموعة من السذج هم أقرب إلى الرهائن. ولننظر إلى سورية وكم فيها من جماعة مسلحة تدعي رفع راية الدين وتتصارع في ما بينها بوحشية لا تصدق، وفي العراق تم تحويل وإعادة إنتاج مطالبات شعبية تستهدف العدالة والحقوق إلى حال إرهابية تهب لقمعها دول العالم، أما ليبيا فالمنظر شبيه بالعراق من دون احتلال، قوض الناتو أركان الدولة الليبية ثم تركها للميليشيات لتكون أكثر من دويلة فاشلة متصارعة كل هذا تم باستدراج العاطفة الحمقاء.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.