الاستراتيجي وصل!

كان اكتشافاً مهماً لصديق روى تجربته الإدارية،

هو يعمل في شركة وضعها في السوق جيد، وتحقق أرباحاً مجزية، لكن بروز طلائع المنافسين جعل الإدارة العليا تفكر في استباق احتمالات شدة المنافسة، هكذا كانت الصورة لدى جمع من الموظفين، الصالح منهم والطالح، وقد تخفي هذه الصورة تفاصيل أخرى في النسخة المخبأة.

قال في أول اجتماع للرئيس المنتقى الجديد أسهب في الحديث عن الإدارة الاستراتيجية واستراتيجية الإدارة وروح الفريق الواحد، كنا نتوقع أن ينصت لنا، لكنه أسمعنا حتى أصبح كل الحضور استراتيجيين من كثر ما سمعوا هذا المصطلح الرنان وفاضت من آذانهم رائحة التخطيط الممنهج،

يضيف الصديق بعد هذا الاجتماع لم نر وجهه ولم يسمح لنا بلقاء معه، كان الحاجز حلقة ضيقة منتقاة من موظف قديم وموظفين جدد، كلامهم همس واجتماعاتهم خاصة تنفض ويخيم عليها الصمت حينما يصل أحد منا،

بعد أشهر طار الموظف القديم وبدأت الإدارة العليا تتلون إما بربطات العنق أو باستراتيجيين جدد،

ولا يجتمع بنا سوى استشاريين يجمعون المعلومات ثم يتم تعيين واحد منهم رئيساً لمجموعة منا ونستمر في تعليمه، أما العمل أي المنجز والمنتج فلم يتغير بل هو في انحدار،

لكن أوضاع «إدارة التغيير» هذه تغيرت، السيارات التي حضروا بواسطتها أول مرة أصبحت أكثر فخامة والأحاديث التي نسمعها عن البلدان التي ينتدبون إليها أو «يطورون» قدراتهم فيها أصبحت من دول العالم الأول،

صارت اجتماعات مجلس الإدارة تتنقل من عاصمة أوروبية إلى منتجع شرق أوسطي، قلت هذه كما يعلم الجميع من محفزات التفكير الاستراتيجي. سألته وأين يداوم الرئيس؟ قال.. كان حاضراً بقوة في وسائل الإعلام من حضور مؤتمرات خارجية إلى افتتاح المنتديات وورش العمل وحصد الجوائز، تصل التعليمات بالإيميل الذي يرسل ولا يستقبل.

وبعد عامين، بدأت الأصوات ترتفع عن سوء الأداء وتذمر قدامى الموظفين واقتطاع المنافسين حصة أكبر من السوق على حساب حصة الشركة، ومع الأرقام السيئة تم الاستغناء عن عمل الرئيس الجديد مع تعويض يتناسب طردياً مع منجزاته المشهودة، فيما بقيت تركة ثقيلة مقيدة بأثقال عقود مكاتب استشارية ومستشارين وشروط إنهاء خدمة ذهبية،

الميزة الوحيدة أن صديقي أصبح استراتيجياً، إذ قال ساخراً إنه عند اللقاء المنتظر مع الرئيس الجديد سيطلب الكلمة ليؤكد أهمية الإدارة الاستراتيجية واستراتيجية الإدارة وروح «الشلة» الواحدة.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.