التقليد أحياناً مفيد

من التناقضات العجيبة أن البعض يحرص على اقتناء واستخدام أثمن وأفخم السلع من السيارات الفارهة إلى المجوهرات الثمينة والملابس الغالية، لكنه من خلال هذا المظهر البراق يقدم أسوأ سلوك وتصرف، سواء في بلده أم في سفرياته للخارج، وقبل أيام نشرت «الحياة» أن بلديات في لندن تخطط لإصدار قانون يقضي بأن «الدعس على دواسة البنزين في أية سيارة متوقفة، و(التفحيط) بها، ورفع صوت جهاز الموسيقى في السيارة جريمة جنائية وليس مجرد مخالفة».

ومن أسبابه كما نشرت «الحياة» موضات بعض الأثرياء الخليجيين الصيفية السنوية في الاستعراض و«الفشخرة» بسياراتهم الفارهة، ونحن أولى بأن نستنسخ مثل هذا القانون، لأن الحالة لدينا ليست موسمية بل طوال العام في طرقات معينة، وإذا كان الدعس على دواسة البنزين في سيارة متوقفة مزعج للإنكليز، فنحن نتحمل تعمد مضاعفة أصوات عوادم هذه السيارات وغيرها من أنواع أخرى هي للنقل أساساً! والأمر يتجاوز الضجيج إلى إرهاب صوتي يفزع الصغير والكبير خصوصاً من يقودون سياراتهم بقرب هذه الأصناف من البشر. هذه السلوكيات غيض من فيض تتعداه إلى غيره، لذلك الاستفادة من عنوان كبير مثل «حماية الأماكن العامة» يدخل ضمنه سلوكيات سلبية كثيرة تتصدرها النظافة، فهل لنا أن نقلدهم من هذه الزاوية المفيدة؟

إن أفضل ما في الإنسان ليس ما يلبس أو يستخدم، بل سلوكه وتعامله مع البشر من حوله والبيئة التي يعيش فيها حتى ولو كان في زيارة قصيرة لها، والتربية هنا لا تلقى مسؤوليتها فقط على الأسرة كما يقال دائماً، بل على فرض القوانين وتطبيقها على الجميع من دون استثناء في البلاد، ومربط الفرس وأهمية القضية لا تنحصر في صورتنا الخارجية بل في حياتنا في الداخل، لأن الذي ليس له هم إلا الصورة في الخارج لا يختلف كثيراً في تناقضه عن هؤلاء، فهو لا يمانع أو يتغاضى عن هذه السلوكيات في الداخل ويبدي رفضاً لها حينما تحدث في الخارج.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

تعليق واحد على التقليد أحياناً مفيد

  1. سليمان الذويخ كتب:

    أحسنت
    ما رأيك لو حدث هذا في بريطانيا وعند بلدية لندن !؟؟
    وسؤال آخر .. هل سمعت أنه تم القبض عليه أو معاقبته ؟!
    طبعا خايفين عليه وعلى سمعة قبيلته وأهله اللي “أحسنوا تربيته ” الخ
    نترككم مع المشهد

    وان لم يظهر المشهد فعلى هذا الرابط :
    https://youtu.be/aabdKGaMVyg

التعليقات مغلقة.