الحج من سنغافورة إلى الجزائر

ليس هناك أصدق من الشهادات العفوية تلك التي تأتي من صاحبها تطوعاً ووليدة المصادفة، وفي مكان بعيد، في مثل هذه الحالات تتراجع احتمالات المجاملة إلى أدنى مستوياتها.

صديق من رجال الأعمال سافر بعد موسم الحج الأخير (1436هـ) إلى سنغافورة لاجتماع يخص وكلاء شركة عالمية توافدوا من بلاد مختلفة. قال لي بسعادة: حينما جاء دوري ووقفت أمام موظف الجوازات السنغافوري نظر في جوازي السعودي وابتسم ثم تحدث بإسهاب شكراً وثناءً على جهود السعودية في خدمة الحجاج ونقل انطباعات والده الذي حج هذه السنة، وأنه وصف له بإعجاب الخدمات المقدمة لضيوف الرحمن، ولو لم يكن والده لما صدَّقه، يقول الصديق إن شعوره اختلط بين السعادة والحرج، ولا سيما أن حديث موظف الجوازات طال وهناك طابور طويل من المنتظرين، مجيباً الموظف بأن السعوديين يعتبرون ذلك واجباً يحرصون على القيام به. لم ينتهِ الأمر عند هذا الموقف. يضيف رجل الأعمال أنهم في اجتماع مندوبي وكلاء الشركة تعرف إليه مندوب للشركة في الجزائر وقال له إنه حج هذا العام وإن ما شاهده ولمسه من خدمات للحجاج يفوق الوصف. وتابع الجزائري أن إعلامكم ضعيف ولا يتناسب مع حجم ما تقدمه الحكومة السعودية. الجزائري ذكر مواقف عطرة تبعث على الفخر لا ينساها حصلت له أو شاهدها بعينيه لجنود سعوديين يخدمون الحجاج.

غادر الصديق سنغافورة متوجهاً إلى ماليزيا، وبقي في ذاكرته شيء من تلك المواقف، إلا أنه لم يتوقع أن يحدث له موقف مشابه مع موظفة الجوازات الماليزية التي أخبرته ببهجة أنها اعتمرت، وزارت المدينة المنورة لتعيد له مثل ما سمعه في سنغافورة، وتضيف: يفترض أن يكون لكم -تقصد السعوديين- نظير خدمات الحجاج تعامل خاص، تقديراً وامتناناً.

وصديقي أبو عبدالله ليس من المضخِّمين للأمور والمواقف، وعندما نتحدث عن الشأن العام في العادة يكون ناقداً حاداً ودقيقاً عن ملاحظات هنا.

والذين يعرفون جهود خدمة الحجاج والمعتمرين لا يستغربون ترسخ مثل هذه الصورة، وهي مع ذلك بحاجة إلى تلمس نقاط القوة ونقاط الضعف؛ لتحقيق المزيد؛ لأنه في مقابلها هناك حملات منظمة تستهدف السعودية انطلقت من دوافع سياسية أو طائفية.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.