حقوق المتعاونين في الإعلام

قد لا يعلم الكثير من القراء بأن الصحافة السعودية بل وحتى الإعلام بوسائله المختلفة من قنوات ومواقع إلكترونية يعتمد أساساً على جهود المتعاونين في التحرير داخل المكاتب، أو مراسلين في الميدان لجلب الأخبار وعمل التحقيقات، وفي التقديم والإعداد بالنسبة إلى الإذاعات والتلفزيون. وهذه الشريحة من الإعلاميين تعمل من قديم، بعضهم لديه وظيفة أخرى حكومية أو عمل خاص، ويستثمر ما تبقى من وقته في العمل المسائي في الصحافة، وبعض آخر ليس لديه من مصدر رزق إلا هذا العمل «التعاوني»، وهم من الجنسين ذكوراً وإناثاً.

ولأنه لا يوجد عقود عمل موقعة بين الطرفين يخضع المتعاون لذمة رئيس التحرير أو إدارة التحرير في ما يتعلق بالحصول على حقوقه المادية والمعنوية، فإذا كانت ذمة رئيس أو إدارة التحرير واسعة وثقباً أسود ضاعت حقوق المتعاون، وإذا كان بخيلاً مقتراً عاش المتعاون على حد الكفاف المادي لا يدفعه للبقاء سوى حب العمل الإعلامي. ويتحول إلى أسير لجهده المنشور سابقاً إلى أن يتم التقويم أو يدخل ضمن عفا الله عما سلف، وفي كل الأحوال ينعكس هذا على العمل الإعلامي جودة أو رداءة.

وأتذكر أنه عندما بدأ التفكير في إنشاء هيئة للصحافيين السعوديين أن من ضمن الأهداف قبل الإنشاء الاهتمام بهذه الشريحة الفاعلة والمهمة والمحافظة على حقوقها، لكن هذه الهيئة من نشأتها تم الاستحواذ عليها من رؤساء تحرير الصحف المحلية، فأصبح الخصم هو القاضي فمن تقاضي، لذلك لم يكن من الصعب توقع النتائج.

هاهي «الهيئة» بعد المقر الفخم في الموقع الاستراتيجي على أهم طريق في العاصمة وسنوات طويلة لم تنتج فائدة وحيدة للصحافيين أو الصحافة، ولا الإعلام في مجملة، لكن من المؤكد أنها حققت فوائد جمة لمن تم توظيفه فيها، حتى أن رئيسها أعلن في لقاء تلفزيوني أنه يود تركها، معترفاً بأنها لم تحقق شيئاً، ولم يعلق أحد على ذلك.

والقضية ليست في الصحافة فقط بل حتى الأجهزة الإعلامية الرسمية مثل التلفزيون والإذاعة تعيش على المتعاونين، ويعانون مثل زملائهم في الصحافة في قضية حقوقهم المادية، وزارة العمل لم تدخل على هذا الخط لحفظ الحقوق لسبب لا أعلمه، ومن الضروري أن يتم الاهتمام بهذه الشريحة من الإعلاميين، كان التعاون ولا يزال المدخل الأفضل أو الأيسر للعمل في الإعلام، صيغة التعاون توفر مساحة زمنية للتجربة الآمنة وظيفياً من الطرفين المؤسسة أو المنشأة الإعلامية والمتعاون، لكنها خضعت للأمزجة الشخصية من أصحاب القرار في المنشأة الإعلامية، وهذا من أسباب أن إعلامنا كما ترون مؤكد أنه ليس السبب الوحيد، لكن من دون أمان وظيفي يمكن توقع كل شيء.

 

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.