من له اليد العليا أكثر بحكم النظام؛ «الحكومي» أم البنوك؟ طُرح السؤال أمامي عند قراءة خبر في إحدى الصحف، يحذر فيه «مسؤول حكومي»، لم يذكر اسمه أو عمله، تعليقاً على خبر ملخصه «محاولات تحايل قام بها مندوبو بنوك لتحصيل مبالغ مؤسساتهم المصرفية لدى النقد، من خلال شيكات مزورة».
والمسؤول الحكومي، كما وصفته الصحيفة، «وجه اتهام إكمال عملية تزوير الشيكات لمندوبي البنوك، إلا أنه أكد أن مؤسسة النقد تمتلك من الإجراءات والأنظمة الرقابية ما هو كفيل برصد جميع هذه التجاوزات والحد منها»، انتهى النقل من الصحيفة.
ليس هناك جهة حكومية معنية بمراقبة البنوك والإشراف على أعمالها سوى مؤسسة النقد، فهل المسؤول الحكومي منها، وخصوصاً مع إشارة الدراية في تصريحه عن قدرات المؤسسة؟
طبعا لا يمكن التفريق بين البنك ومندوبه ما دامت الشيكات ليست شخصية للمندوب، والمهم هنا أن «المسؤول الحكومي» كان ليناً وهو يتحدث عن «تزوير شيكات»، أيضاً فصل بين إدارات المصارف ومندوبيها في الاتهام، وبدقة يحسد عليها.
ونحن نعلم أن الأمور تطورت في قضية الشيكات من دون رصيد، فكيف بالمزورة؟
ربما هذا يوضح لنا شكل العلاقة بين «الجهة الحكومية» والبنوك، وكنت نشرت مقالاً قبل أيام أطالب فيه مؤسسة النقد بنشر إحصاء عن أكثر حالات النصب شيوعاً، من تلك التي يقع عملاء البنوك ضحايا لها، ومن واقع ما يردها من شكاوى العملاء.
فإذا كان مندوب البنك يفعل هذا مع مؤسسة النقد، فماذا يتوقع أن يفعل موظف مصرف مع العملاء، كبار السن أو العميلات اللاتي يجهلن الأمور البنكية، وكلهم لا يتوافر لديهم واحد في المئة من قدرات «ساما». بالطبع المؤسسة لم تبادر بإعلان إحصاء ولو من باب ترسيخ الوعي على الأقل، فالتوعية تركت للمصارف ولجانها! واحتمال وارد أن يكون من أعضاء التوعية مندوب من المناديب.
أعيد المطالبة السابقة مع طرح سؤال جديد على «ساما»، ماذا يفعل مواطن أو مقيم تقع في يده ورقة عملة مزيفة، يمكن أن يحصل عليها – من دون علم – من سوبر ماركت، وربما من آلة صرف، إذا بلغ عنها ربما يتهم بها، «من وين جبتها؟»، وقليل من يتذكر، واحتمال عدم تصديقه قائم! وهل لدى مؤسسة النقد وسيلة رقابية معتبرة على المصارف، بحيث لا يتمكن أحد «مناديبها»، الله يهدينا وإياهم، من «حشر» عملة مزيفة في آلة صرف لتقع في يد مسكين؟ الضرر المادي وربما المعنوي المحتمل، من سيدفعه؟ أجيبونا مشكورين.