نشرة الأحوال المرورية

ابتهج بعض المتابعين لوسائل الإعلام إثر نشر تعليق لمدير الأمن العام انتقد فيه أداء مديري إدارات المرور. إشارته إلى أنه لم يتغير شيء منذ عام (أي منذ اجتماعهم السابق) أحيت الأمل لدى بعضهم، بالنسبة إلينا لم يتغير شيء منذ سنوات طوال. وعدم التغير يعني تضخم المشكلة، والواقع أن هذه هي المرة الأولى التي ينتقد فيها مسؤول رسمي أداء إدارات المرور، على رغم أن تردي الأداء له عقود من السنين، كبر بمرورها وتضخم. كنت أظن أن مشروع النقل العام بما يسببه من تحويلات وقفل طرق ومزيد من الفوضى المرورية، ستضطر معه إدارة المرور والأمن العام إلى إعادة النظر في الأداء، لكن السنوات مرت وبقيت إدارة المرور على حالها، فيما تزداد حال الحركة سوءاً.

في تقديري أن «ساهر» بطريقة طرحه وأسلوب عمله، في انتقائية مخالفاته أسهم في «تخدير» جهاز المرور، ثم لحق به «نجم» كجرعة أخرى، وهذه الملاحظة ربما تحتاج إلى مقالة خاصة؛ لشرح رؤيتي حولها.

إنما عدم الاهتمام الرسمي بمشكلة المرور فترة طويلة كان سراً غامضاً، وأتذكر أنه قبل البت في مشروع النقل العام وتمنع وزارة المالية من تخصيص اعتمادات له»، على رغم الفوائض وقتها» حتى جاء أمر من جهة أعلى، قبل هذا طرحتُ هنا سؤالاً على كبار موظفي وزارة المالية: هل هم يعيشون بيننا ويستخدمون الطرق نفسها، ومقر الوزارة في بؤرة من بؤر الازدحام. ولم يجب أحد! فالمسؤول يطنش متى ما رغب.

مشكلة إدارة المرور أنها عملت فترة طويلة بعيداً عن التطبيق لنظامه على الأرض، حتى أصبح السائق الملتزم بالأنظمة حالة نادرة، بل ومنبوذاً من الآخَرين مستخدمي الطريق. إنه عقبة في طريقهم يجب إبعادها، وكأنما المرور عملت على إدارة الحركة «عن بعد» بواسطة «ريموت كنترول»، ضعفت بطاريته مع مرور الزمن، حتى أصبح لا يعمل، لكن من يستخدمه مستمر في توقع أنه بضغط الزر سيحقق نتيجة.

أصبحت كثير من المخالفات المرورية الآن عرفاً عاماً ومقبولاً، بسبب عدم إيقافها ومنعها تحولت إلى عادة وسلوك، وتشكل «نظاماً» مرورياً جديداً، هو المرور بالذراع وخشم السيارة. هل كانت إدارة المرور وخبراتها وهندستها والاهتمام بها، بوصفها مرفقاً حيوياً يمس حياة الناس اليومية، ضحيةً لخصخصة بعض أطرافها، مثل مدارس القيادة و«ساهر» و«نجم»؟ هذا سؤال مهم يجب التفكير في الإجابة عنه.

 

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.