واجهات وشعارات

تشابه واجهات المباني اللامعة الشعارات البراقة، إنها تخفي شيئاً ما قد لا يُعلم مكنونه إلا بعد حين، ولأن الشكل في مجتمعنا غلب على المضمون حتى توارى الأخير كنقطة صغيرة في مجلد ضخم، أصبح الواحد منا في حال توجس من الواجهة ومن الشعار كلما جرى تلميعها و«التنظير» حولها أكثر.

لنترك الشعارات جانباً ونركز على الواجهات نأخذ عينة مادية ملموسة، تخبر عن سطو الشكل على المضمون كما تضع المؤشر مرة بعد مرات على «التجزر» الحكومي، أي أن كل جهة تعمل وكأن الأخرى لا تعنيها.

يغلب على أعمال وزارة البلديات وأماناتها وبلدياتها الفرعية الغرام بالشكل، لذلك نرى أن «الطفرة» الشكلية تبدأ الانطلاق من المدينة ثم تنتقل إلى مدن أصغر وبلدات تستنسخ «عندنا وعندكم»، والنماذج كثيرة من المجسمات «الجمالية» إلى «التفنن» في الدوارات وإعادة رصف المرصوف وغيرها مما ضُخت لـ«إنجازه» أموال، وهناك أساسيات وحاجات تنتظر هي أولى بالصرف والاهتمام.

ومن حالات التجزر الحكومي الذي سبق لي وكتبت عنها، أن الدفاع المدني يعاني من تزايد استخدام واجهات مبانٍ سريعة الاشتعال شكلاً من أشكال الألومنيوم، التي يطلق عليها «كلادينغ»، ومن العجب أنني علمت بأن البلديات تشترطها لواجهات محطات الوقود!!

وهنا يبرز الدور «الفني» للبلديات الذي اختزل في الشكل ولم يهتم بالسلامة والخطر المحتمل، وقد يقول قائل لماذا لا يمنعها الدفاع المدني؟

والحقيقة أنني لا أعلم هل يستطيع المنع؟ يمكن أن لا يعطي فسحاً لهذه المنشأة لكنها ستعمل من دون فسح، من الذي يضمن إذا كانت ستحصل على رخصة بلدية، وربما يتقاذف الجهازان البلديات والدفاع المدني المستثمر، جهة تصر وجهة ترفض.

كل هذا في قائمة الاحتمالات إنما الثابت أن هذه الواجهات على خطورتها وفي مبانٍ متعددة الطبقات يتزايد استخدامها وأكثرها مبانٍ مكتبية، فمن المسؤول عن إيقاف تمدد هذا الخطر.

ولماذا تصر البلديات على واجهات «معينة»، وخصوصاً أنه من الناحية الجمالية المجال رحب وفسيح من دون الصناديق المعلبة في الشكل واللون والمواد.

 

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.