قرصة أذن أم مراجعة جذرية!

يراهن بعض الساسة اللبنانيين على زيارات يزمع القيام بها للعاصمة السعودية، لإعادة النظر في قرار إيقاف المساعدات، وفي تصريح له أعرب رئيس الوزراء تمام سلام عن أمله بأن تعيد القيادة السعودية النظر في القرار.

لكن، في الداخل السعودي ومنذ سنوات تتصاعد مطالبات بإعادة النظر في السياسة الخارجية السعودية. المطلب يتضمن مراجعات شاملة ليس للمساعدات فقط بل وللاستراتيجيات، خصوصاً من ناحية ربط المساعدات والدعم السياسي والديبلوماسي بالمصلحة الوطنية العليا.

لقد كشفت توابع زلزال «الربيع» العربي الكثير من الأخطاء التي لم تظهر للسطح، إلا من خلال نتائج تبدل مواقف، إذ لم تحقق السياسة «المثالية» للسعودية في دعم «الأشقاء» العرب المردود المناسب أو المتوقع، خصوصاً مع خطر التمدد الإيراني من العراق وسورية إلى اليمن المدعوم بتشجيع أميركي مستتر.

وربما يكون قرار إيقاف البلايين أو ما تبقى منها نقطة تحول هذا احتمال، والاحتمال الآخر أنه ليس إلا قرصة أذن على طريقة «لعل وعسى».

وفي ما يخص السياسة السعودية الخارجية، أصبح من الضرورة إخضاع قرارات الدعم وحتى المساندة السياسية لرؤية مؤسساتية تفكر في أبعد من رد فعل أو تأثر بحدث وقتي، لتعظيم الأهداف «الوطنية» المتحققة والمرجوة منها، كما أن من الأهمية بمكان العمل المستمر على إعادة النظر في قرارات من هذا النوع بصورة مرحلية، للتأكد من عدم انحرافها عن الأهداف أو تكسب البعض منها من تجار ودكاكين السياسة، ولو تبصرنا قليلاً لرأينا أن السعودية تدفع الآن ثمن دعم سابق قدمته في اليمن ولبنان، وحتى في سورية.

لقد كانت المساعدات طوال عهدها مثار تساؤلات من ناحية الجدوى الوطنية والأثر المتحقق هناك، وفي الغالب لأنها تمت من خلال أفراد هم حكام لأنظمة بدلوا تحالفاتهم وأظهروا غير ما يبطنون، ولو كانت من خلال مؤسسات وطنية داخلية لديها الرؤية والتتبع لمسار هذه المساعدات وتبدل السياسات لكانت الجدوى منها أكثر احتمالاً.

في السياسة لا مجال لتوقع حسن النوايا، خصوصاً والصراع مع عدو يخطط بهدوء منذ عقود لتأسيس بنية تحتية لأحزاب يديرها من طهران، وقد وجد -أو في واقع الأمر- أوجدت له قوى عظمى الفرصة المناسبة للانقضاض.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.