العرب والأتراك في سلة واحدة

يقع على القيادة السعودية العبء الأساسي في مواجهة الهجمة الفارسية من جهة، وحماية النسيج العربي من التفكك من جهة أخرى. وفيما استُخدمت «داعش» كما استُخدمت قبلها «القاعدة» لتبشيع صورة المسلمين السنة وحصر الإرهاب فيهم حول العالم، يجري أيضاً على قدم وساق اختطاف الشيعة العرب المعتدلين من متطرفي الشيعة المدعومين من إيران، الصوت الشيعي المتطرف هو الحاضر في المشهد السياسي والإعلامي، حتى تحول العراق إلى منصة أمامية لهذا الاختطاف المسلح يستكمل من خلاله ما رسخته طهران في لبنان.
ولا يبدو أن هناك اهتماماً حقيقياً فاعلاً من دول عربية أخرى في هذا الشأن. ومع التباينات في المواقف المعلنة لدول عربية مختلفة ومؤثرة، لا يرى المراقب توظيفاً سياسياً لهذه التباينات في المواقف لصالح العرب كأمة تستهدف بالتقسيم والتهجير، ما يعني أن الأولويات مختلفة، مع أن الاستهداف واحد في النتيجة مع تغير مسمى الخنجر المسموم الذي يستخدم في خلخلة كل دولة على حدة.
في سورية أصبحت روسيا اللاعب الوحيد المهيمن على الأجواء والقرار السياسي، والقوات الإيرانية مدعومة بالمرتزقة من كل جنس تهيمن على الأرض. التشجيع الغربي لهذا تمكن قراءته بين سطور تصريحات كيري، حتى يكاد الغرب الذي استخدم تركيا طويلاً في حلف الناتو يعلن التخلي عنها أمام الضغوط والتحرشات العسكرية الروسية شبه اليومية.
المشهد الدامي في سورية يكشف عن أن واشنطن متبوعة بالدول الأوروبية الكبرى، أعطت موسكو الضوء الأخضر أو المقاولة من الباطن للتقسيم في سورية، العمل القذر تم إيكاله لبوتين، ولأجل التقسيم يستمر التهجير القسري للسوريين، أو من تبقى منهم، قصفاً بالطائرات، إكمالاً لما بدأته الميليشيات الإيرانية و «داعش».
مع هذا المشهد المنذر بالأخطار، لا نرى خطوة سياسية تركية إلى الأمام لفتح باب مصالحات بين جماعة الإخوان والسلطة المصرية، وبيدها إمكان ذلك، فلديها حضور في أوساط القيادات، وهي تدعمهم.
الأوضاع التركية الداخلية بعد العمليات الإرهابية الأخيرة، وموقف واشنطن المعلن والداعم لحزب العمال الكردستاني، وضعت أنقرة في مأزق، فهل يدفع ذلك السياسة التركية للقبول بالتحدي والتحول إلى رقم إيجابي في المصالحات العربية العربية؟ في واقع الأمر، السعي لإنجاز مثل هذه المصالحات سيصب في مصلحة أنقرة قبل غيرها.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.