لم يخطر على البال أن أجد الشيخ مدهن في حال عصبية غريبة عليه، وهو الذي وصل قبل يوم من «المكشات» بعدما استمتع بالجو اللطيف، وسط ربيع مزهر وحليب خلفات.
كنت خططت لأطرح عليه سؤالاً عن فراسته في اختيار الموظفين لشركاته، وكيف ينتقيهم، المعايير والفحص والتحري، لكن بدا في غير حال سعة صدر وانشراح عرف بهما، حتى ابتسامته الماكرة توارت، مع ذلك سألته، فرد قائلاً: أي فراسة يابن الحلال خذ واقرأ.
كان الخبر في الصحيفة عن «ساحر» أفريقي استطاع جمع مبلغ بليون و600 مليون ريال، من «الحبايب» في جدة والمدينة المنورة وينبع والوجه وغيرها، أوهمهم بمشاريع ضخمة وتنقيب عن ذهب متسلحاً بطلاسم وأدوات غريبة. والرقم ضخم مثل الخبر الذي حوى تفاصيل كثيرة، نشرته الصحف نقلاً عن شرطة المدينة المنورة.
قلت للشيخ مدهن وما الغريب في الأمر؟ أعرف شركات مساهمة جمع أصحابها أكثر من هذا المبلغ بعد طرح أقل من ثلث أسهمهم للاكتتاب ولم يحصل المكتتب ولا على «خمخمة» ذهب، وبقوا على رأس الشركة ينعمون بمواردها مع الأرصدة.
رد الشيخ مدهن بعينيه الدامعتين وهو يبتسم قائلاً: لكن هذا غير… هذا بالنظام! قلت على عجل أعرف «رجال» أعمال طرحوا مساهمات عقارية، وحصلوا على مبالغ تقارب هذا وما زالوا يتندحون، ولم يحصل المساهم على فص بصل!
هدأني الشيخ مدهن قائلاً: صحيح وقبل أن تسأل وما الفرق؟ أقول لك إن هذا الساحر الخطر لم يتكلف حملة إعلانية بمبلغ وقدره ولم يتردد على هيئة سوق المال «رايح جاي» أو يتعاقد مع مكاتب محاسبة قانونية لتظبيط الموازنات والخطابات. وأكمل الشيخ حفظه الله وأبقاه وهو يضحك قائلاً بسخرية: ولم يضطر الساحر لشراء صحافيين وكتاب في الصحف أو المواقع، سواء بالمكافآت أم «الأيفونات» لصناعة جو متفائل جميل وجذاب؟ وبعد أن تحسن مزاج الشيخ سألته، وما الذي أزعجك في القضية؟ حسرة على أموال الضعفاء مثلاً؟ فضحك ضحكة مجلجلة وهو يقول لا طبعاً الحسرة أنني لم أتعرف عليه لأعينه مستشاراً لي وأصك عليه في سويت خمس نجوم.
قلت للشيخ وما السر؟ قال السر في القدرة على التخطيط والإقناع، فهما عناصر تفعل فعل السحر وتحقق الأحلام من تجميل الأوهام والناس مستيقظون ولكنهم نيام.
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط