أنت وبصمتك

كان الوجه هو المعرّف للإنسان في التوثيق الرسمي لدى السلطات، وكانوا يكتبون في الوثائق علامات فارقة لهذا الوجه، لمزيد من التمييز عن غيره فيما لو حدث تغيّر جراء عوامل التعرية الحياتية، أو استحدثت بواسطة عمليات تجميل، هي إلى النفخ أقرب، تطورت الأمور إلى صور ملونة، ثم جاءت البصمة.
في واقع الأمر، سبق الهاتف الجوال البصمة في التعريف بالمواطن، كانت المبادرة من المصارف، ثم أكد «أبشر» الجوازات أن الهاتف الجوال وسيلة تأكد من أنك أنت أنت بالفعل، لحقت بالركب متأخرة قطاعات أخرى، فمن ليس لديه هاتف جوال سيتعب، وربما يتم نسيانه وكأنه خارج نطاق الاعتراف والتعامل الرسمي.
خلال المرحلة الطويلة من دخول الهاتف الجوال إلى السعودية، استُغلت أكثر من مرة بطرق غير قانونية، ويُصمت عنها فترة طويلة، ثم يجري إصلاحها لتبرز طرائق أحدث، كان أشهرها اكتشاف كثير من الناس لأرقام جوالات بأسمائهم وهم لا يعرفون عنها شيئاً، كيف اُستُخرجت؟ ومَن استفاد ومَن تضرر؟ ذهب كل هذا في طيات الحساب يوم الحساب. استمرت هذه التجارة الخفية فترة من الزمن، على رغم علم شركة الاتصالات بها، تضخمت فواتير وعاش بعض الطفيليين على بسطاء لا يعلمون. أنا واحد ممن طالب غير مرة بضرورة القضاء على الشرائح المجهولة والمتاجرة بها، وهي تصدر عن الشركات وتقدم لمسوقين، بمعنى أن المنبع معروف.
الآن ولضرورات أمنية وصلنا إلى مرحلة البصمة، وهذا أمر جيد مع تأخره، بدلاً من بدايته من المنبع ذهب إلى المصب.
في علم شركات الاتصالات أن البصمة في الطريق، لكنها لم تهتم بالتخطيط للتحول البصمتي، لذلك جاءت قضية التبصيم دفعة واحدة، هناك من يحب صناعة الازدحام و«شحن» الناس والترقب، حضور التوعية بما سيتم وكيف سيكون ذلك لم تنجح فيه الإدارات الإعلامية لشركات الاتصالات، ربما لم تهتم به.
في «تويتر»، اقترح أحد المواطنين الاستفادة من توثيق «أبشر»، فعلاً هذا سيخفف الازدحام ويعفي الكثير من «المشاوير»، مفيد حتى للشركات.
بقيت نقطة جوهرية، على هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات الاهتمام بها، وهي عدم المتاجرة بتحصيل الشركات لرسوم من أصحاب أرقام هي بأسمائهم وتأخروا في تنفيذ البصمة، سواء أكانت مفوترة أم شحناً، سمعت كلاماً حول هذا ولا أعلم دقته، لكن تعودنا على أن احتمالات حدوثه واردة.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.