عزاء في الوفاء

قال لي صديقي عظم الله أجرك في الوفاء، ورغم أني لم اسمع أو أقرأ خبرا ينعى فيه الوفاء الا أنني كدت أصدق النبأ، وأصبحت في شك من أمري هل هو مات أولازال يحتضر،الواقع يقول أنه غائب نسمع به ولم نعد نراه، هل مات مقتولا ياترى ، إذا من قتله؟، أم مات مقهورا،هل دفن وأين؟، لكن ذاكرتي لاتسترجع تشييعا له، هل قيدت الجريمة ضد مجهول؟·
هذه التعزية التي قدمها لي صديقي على طبق من ألم،دفعتني للبحث عن أسباب موت الوفاء، بل دعوني أقول غيبوبته الدماغية، لعل الله تعالي يعجل ببعثه من جديد،لم أجد سببا أضخم وأكبر من الأسنان المسلحة،نعم الأسنان التي أول مايتم شحذها تبدأ في عض الأيادي التي قومت أعوجاجها، لماذا يزداد عدد البشر الذين يعضون الأيدي التي تساعدهم؟، فما أن يقالوا من عثرتهم حتى يبدؤون في نهشها، لماذا لايتفنون في عض الأيدي التي أضرت بهم، الأمر الذي توقعت أنه لغز مغلق أجاب عليه صديق أخر عندما قال أنهم يفعلون ذلك لأن الأيدي التي ساعدتهم تذكرهم بوضع يقاتلون لمسحه من ذاكرتهم، وضع كانوا فيه ضعفاء محتقرون، وينسون أو يتناسون أنها من ساعدتهم علي تجاوزه!،إعتبروا تلك الأيدي وأصحابها جزءا من وضع مزري عاشوه،بل قد لايتورعون أن ينسبوا أسباب تلك الاحوال المتردية التي مروا بها إلى من إنتشلهم منها،فكلما شاهدوهم أو ذكروا أمامهم تداعت الي خواطرهم أحوالهم السابقة ومعرفة ،أولئك، اللصيقة بها، اليسوا هم من ساعدوهم علي تخطيها وأعرف الناس بتفاصيل نقاط ضعفها، وذكرها يقلل مكانتهم الجديدة ويخدش ما حصلوا عليه، لذالابد أن ينهشوا ويلغوا في دمائها حتى لايبقى فيها مزعة من لحم قد تشير إلى ما قامت به، ويتمكن هؤلاء من نيل مبتغاهم لأن الأيدي لازالت ممتدة لهم لاتعي ولاتصدق ان تغير الأحوال قد يغير الأفعال فهي ممتدة كما كانت عارية آمنة مستيكنة مطمئنة، فتصبح صيدا سهلا ، بل هي أقرب الصيد معرفة ووضوحا وقنصها يصيب هدفين في الوقت نفسه، فهو يمسح من خلاله ماض مشين في نظرة ويرقى علي أكتافها، ثم أن مالديها حصل عليه وأنتهى أمره ، ولابد أن يبحث عن يد أخرى بإمكانيات جديدة، لذلك لابد أن تكون الأيدى الممتدة للمساعدة محمية حتى لاتتأذى فيما اذا اصيب من إنتشلته بسعار لأي سبب كان·
ومن يعض الايدي التي تمتد لمساعدتة بدلا من تقبيلها، يرتقي إلى الأكتاف وقد يصل إذا استطاع للرؤوس،لكن أملى بالوفاء لازال ممتدا فهل سمع أحد منكم شيئا عنه،أم أنشر إعلان تعزية·

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.