قصة الفلوجة فك الالتباس

لم يكن لتنظيم «القاعدة» حضور في العراق أيام حكم الرئيس صدام حسين، حتى أثناء فترة الحصار الاقتصادي الطويلة والصعبة على الشعب العراقي والنظام. مثل تلك الفترة كانت فرصة لأي تنظيم يهدف للاستيلاء على السلطة كما هو هدف «القاعدة» وغيرها من تنظيمات إرهابية تستهدف الدول العربية تحديداً.
لكن أميركا وبريطانيا ادعتا مثل هذه العلاقة وروجتا لها وأكدتاها كواحدة من ذرائع الغزو والاحتلال، مع أن أجهزة استخبارات هذه الدول «العظمى» تعلم أن زعماء من «القاعدة» هربوا من أفغانستان إلى إيران ولم يهربوا إلى العراق!
دخلت القوات الأميركية العراق واستتب الأمر لها لتنبت شجرة القاعدة وتزدهر في مواقع محددة في العراق، وليظهر الزرقاوي وتبدأ عجلة «الحرب على الإرهاب».
استهدفت الإدارة الأميركية – والبريطانية بصورة أكثر ذكاء – السنّة في العراق، مع أن نظام صدام حسين كان علمانياً دكتاتورياً يرفع شعار القومية العربية، وحينما أعدم صدام حسين تم إعدامه في يوم عيد الأضحى كرسالة طائفية دموية من نوري المالكي الطائفي وأسياده في طهران وواشنطن. الإدارة الأميركية لم تكن بعيدة عن اللعبة فهي مكنت القوى الشيعية المرتبطة جذرياً بطهران من الاستيلاء على الحكم ليتم تهميش السنّة، والضغط الشديد عليهم في حياتهم المعيشية، وتسريح الآلاف من الجنود والضباط ومنعهم من العمل وإيقاف رواتبهم.
بالمختصر، تهيئة البيئة الخصبة ليولد هذا الضغط انفجاراً، ومن ثم استغلال هذا الانفجار. قصة العراق هي قصة الفلوجة، وإذا كان التنظيم الإرهابي، سواء كان «القاعدة» في الماضي أم «داعش» في الوقت الراهن، استغل ذلك أو استفاد منه فهو نتيجة في الواقع لسياسات أميركا المتحالفة مع إيران.
لقد جهزت الإدارة الأميركية الأرض وهيأتها لاجتثاث السنّة من العراق وتحويلهم إلى أقليات نازحة متهمة بالإرهاب، كما هو واقع العراقيين السنة الآن، وهو هدف أميركي استراتيجي لم يأت اعتباطاً ولا من طريق الخطأ، ولن يتغير بتغير الرؤساء في البيت الأبيض حتى يتحقق كاملاً في العالم العربي. وعند البحث عن الجذور المرئية لا يمكن تجاوز هجمات 11 سبتمبر، وسواء كانت ذريعة أم حقيقة سببية لهدم المنطقة وتشريد السنة، فالمواجهة يجب ألا تتغافل عن التصدي لملفها.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.