مستر «يس»!

لا بد من نقاش قضية استقرار الموظفين السعوديين في القطاع الخاص، ومدى استغلال وجودهم أو توظيفهم «موقتاً» لضرورات أرقام ونسبة التوطين. واحدة من ثغرات «الزحلقة» في القطاع الخاص الكبير تكمن في المستر «يس»، وهو موظف سعودي تنفيذي كبير في الغالب الأعم يترأسه أجنبي، يوفر هذا الموظف «ربما أكثر من واحد في المنشأة»، الغطاء لتنفيذ القرارات «الصعبة»، هو يقوم بدور الفوطة أو المنشفة، وما أكثر المناشف! يعتمد أمثال المستر «يس» على قاعدة «لا أرى، لا أتكلم، لا أسمع إلا للرئيس أو المدير»، في مقابل هذا تتم بحبحة وضع هذا الموظف، وترك مساحة له للاستمتاع بما توفره الوظيفة من بدلات ومكافآت وتذاكر وتعليم أولاد وتأمين إلى آخره. وحين يأتي وقت الاستغناء عن الفوطة أو المنشفة يستعيد أمثال هذا الموظف كل حواسه دفعة واحدة، يعود النظر إلى عينيه والسمع إلى أذنيه ويبدأ في النطق.
بدلاً من إلقاء اللوم على كبار الموظفين التنفيذيين الأجانب في القطاع الخاص حين استغلالهم لصلاحيات الوظيفة بتسريح سعوديين وجلب موظفين وموظفات من جنسياتهم برواتب عالية، بدلاً من ذلك يجب التركيز على المناشف والفوط ونشرها لتجف من الرطوبة العفنة، أيضاً لا يمكن إغفال دور الجهات الرسمية التي يفترض أن أساس عملها هو الحفاظ على حقوق الموظف المواطن في القطاع الخاص، أليس الأخير هو الشريك في التنمية والمعقودة عليه الآمال في «توليد» الوظائف؟ فماذا عن الإجهاض؟
التأكد من عدم التعسف عند الاستغناء وفحص الأسباب ومدى حقيقتها غير ملتفت له، أيضاً ملف سوء استغلال الوظيفة في القطاع الخاص يجب أن يتم فتحه، لأنه من الثقوب الكبيرة التي تتسرب منها الفرص والأموال من الوطن والمواطن، تركز بعض وسائل الإعلام على «العمالة» وتحويلاتها، ولا تنظر إلى الموظفين الكبار مع أن واحداً منهم عن آلاف من العمالة الصغيرة!
إذا كانت هناك بطالة متفق عليها، فلا يعني ذلك الصمت على ما يجري من «التبطيل» – اشتقاقاً من البطالة – ترى معي أن مثل هذه القضية لا تطرح كثيراً في وسائل الإعلام ولا تهتم الأجهزة الرسمية حين طرحها، والجميع حين التحدث في العموم والعام يدبجون المعلقات في التوطين ومكافحة البطالة، معلقات إنشائية لا تقدم ولا تؤخر.
وفي مقابل فوز المستر «يس» بوظيفة «مرموقة» مع مكتسبات لفترة من الزمن، يمر من خلال بوابته أو «زحليقته» الكثير من المواطنين وهم أولى بفرص وظيفية تذهب إلى غيرهم، وتستمر الحاجة للمستر «يس» مثل الحاجة لمنشفة بعد وليمة دسمة.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.