التطبيق الصحيح والمريح

الاعتراف بالخطأ مقدمة ضرورية للإصلاح، وعند بداية تطبيق التعرفة الجديدة لاستهلاك المياه كتبت أكثر من مقالة، أوضح فيها أن هناك مشكلة وخللاً في التطبيق، بل قبل ذلك نبهت إلى أهمية عدم تكرار أخطاء شركة الاتصالات في الفوترة الشهيرة. نهاية الأسبوع الماضي، قال المجلس «الجديد» لإدارة شركة المياه الوطنية إنه اطلع على «الإجراءات التصحيحية للتطبيق الصحيح للتعرفة الجديدة»، ما يعني أن العلة كانت واضحة لمن هو بعيد «مثلي» عن التفاصيل الفنية والإدارية. الثمن لهذا الخطأ في التطبيق الصحيح معروف، لذلك دعونا نستفيد من التجربة.
كان من المثير للاستغراب أن تقع إدارة الشركة السابقة في هذا الخطأ، مع ممانعة في أول أيام التطبيق من الاعتراف بذلك الخطأ. المتابع يتذكر التصريحات ورمي المسؤولية على المستهلك، والتسريبات المحتملة في المنازل والبنايات، إلى أن ارتفع مستوى موجة التذمر، فكان إيقاف التطبيق وتغييرات في الوزارة والشركة. ما يهمنا هنا أن الشركة تدار بأسلوب القطاع الخاص، تم تحويل مصالح المياه كما كانت تسمى في أهم المناطق إلى «شركة»، ومُكنت من موازنة معتبرة مع مدة زمنية طويلة، والكثير الآن يعول على «إدارة» القطاع الخاص، والمراهنة عليه كبيرة في الشراكة والإدارة والخصخصة.
قطاع استهلاك المياه المنزلية حساس، لذلك كانت ردود الفعل حاضرة وقوية، لكن في قطاعات أخرى لا تتضح صور الخلل وثغراته إلا بعد مدة من تضخمها، ويصبح إصلاحها أكثر صعوبة وكلفة مادية وغير مادية، وهو ما يوجب الالتفات بشكل دوري ومستمر لكل تطبيق جديد. الخصخصة مثلاً، الاتجاه إليها بهدف خفض الكلفة وتحسين الأداء، هذا في المفترض، لكنها مع فكر القطاع الخاص الذي نراه أمامنا ستضع نصب عينيها أولاً تحقيق الأرباح وتعظيمها إن وجدت فرصة لذلك، فما هي الآثار المحتملة من كل النواحي لمثل هذا اقتصادياً وأمنياً واجتماعياً؟
في تقديري أن العزلة كانت من أسباب أخطاء مجلس وإدارة شركة المياه السابق، والعزلة التي أعنيها أنك لا ترى ما يراه الناس، لأن من حولك قد يعيدون تشكيل وتلوين الصورة، لتصبح صورة أخرى غير تلك التي يراها ويلمسها الناس.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.