«خيار» التصنيع … مخلل!

في الأساس الأجهزة الحكومية وجدت للتيسير والتنظيم وفق رؤية تحقق المصلحة العامة، لا ضرر ولا ضرار، وفي زمن سابق كان الموظف الحكومي في قرارة نفسه يرى أنه حارس مرمى يصد هجمات المراجعين، إلا إذا كان لأحد منهم قدرة على التسلل أو يعرف أحداً، وتوقعناً أنه مع انتشار التعليم وزيادة الوعي سيتغير هذا السلوك، وجاءت الخدمات الإلكترونية لتقضي على جزء كبير من التعطل والتعطيل المتعمد وغير المتعمد، ولها سلبياتها وأمراضها «التقنية والبشرية».
من المفترض أننا في مرحلة جديدة عنوانها فتح الفرص للشباب والباب للاستثمار، لكن لا يبدو ذلك جلياً، على السطح الإعلامي ستجد كثيراً من العناوين البارزة، التي تضع الشمس في يدك اليمنى والقمر في اليسرى، لكن عند الغوص في ما تحت السطح سترى أموراً أخرى مغايرة ومناقضة.
فراس أحمد الزامل شاب قرر الاستثمار وتشييد مصنع صغير، فهيئة المدن الصناعية تؤجر الأراضي بسعر رمزي ودعاياتها منصوبة في الطرق الرئيسة. توكل على الله تعالى وحصّل قرضاً وبدأ في البناء، والكل يعرف البطء والمعاناة مع الإجراءات الحكومية في العمالة وغيرها. تأخر في الإنتاج فأصبحت هيئة المدن الصناعية خصماً له، رفعت الإيجار مئة ضعف، مع أن هناك عقداً!
والتأخر في الإنتاج بالقطاع الصناعي أمر يحدث، ويفترض أن تتم المساعدة والعناية لا البحث عن قصور للإيقاف، وإجراءات الحكومة لها الدور الأساس في التأخر، لكنه، ويا للعجب، اكتشف من دون علمه أن الآلات والمعدات، التي قام بتركيبها في المصنع، تم تفكيكها ونقلها ولا يعلم من فعل ذلك، ولا أين ذهبت لحد كتابة هذه المقالة؟
ومن يومها وفراس يغرد في «تويتر» من دون فائدة، وكتب خطاباً إلى وزير الصناعة السابق، ووزير الطاقة والصناعة الحالي، ويتصل بهيئة المدن من دون نتيجة تذكر، وهو على الخط المباشر في «تويتر» يبث ألمه بثاً مباشراً لمعاناته، ولا أحد ينصت ليحقق ويعيد الحق لصاحبه ويحاسب.
هل يعقل حدوث مثل ذلك من أجهزة حكومية؟ ومن المستفيد من تعطيل المستثمر، وخصوصاً أن جديته واضحة بدليل ما دفعه وشيده؟ والخسارة المتحققة عليه وحده، فالموظفون لن يدفعوا ريالاً واحد. هي أيضاً إساءة إلى «مناخ الاستثمار»، وشق لن ترقعه حملات إعلانات وتسويق وتصريحات وندوات. عن أي استثمار نتحدث وعن أية فرص وتمكين للشباب؟ هذا ليس إلا توريطاً.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.