لماذا يتم تقسيط العلاج؟

يمثل التفحيط واحداً من المشكلات المرورية، ولا يمكن اختزالها فيه وحده، بل إن التفحيط من نتائج الحال المرورية التي نعيشها، هو في واقع الأمر من أعراضها، المشكلة المرورية تكمن في المنظومة نفسها التي تحتاج إلى تطوير نوعي شامل، فلا هي اعتمدت التقنية تماماً ولا هي على العنصر البشري، بين بين، لتضيع مشيتها.
وجاءت مشاريع النقل العام بما استحدثته من تحويلات وإقفال طرق لتزيد من تردي الحال، وأصبح من يحترم الأنظمة وحقوق الآخرين ضائعاً مسلوب الحق.
من الجيد رفع العقوبات المالية مع السجن على المفحطين، لكن هذا لن يحل القضية المرورية ولن يحقق لها انسيابية وراحة معقولتين، إلا في جزء بسيط منها، وفي التفاصيل لبيان غرامات التفحيط المعدلة لم يشر إلى حقوق أصحاب السيارات المسروقة «في المرة الأولى والثانية التي يقبض فيها على المفحط»، وكان يفترض أن ينص على تحميل المفحط تعويضاً لصاحب السيارة المسروقة عن الضرر والعطل، سواء فحط بها للمرة الأولى أم تكرر منه ذلك، ولا تترك المسألة لإجراءات شكاوى المتضرر ليدفع الثمن مرتين عطلاً ومراجعات، ومن المعلوم أن نسبة مهمة من التفحيط تتم بسيارات مسروقة حتى تخصص المفحطون بسرقة نوعيات محددة منها.
في قضية الأزمة المرورية تمت تجربة العلاج بالتقسيط في نظام «ساهر»، ولم تحقق نجاحاً يذكر، إذ تم الاهتمام بجزئيات منتقاة، ركز على قطع الإشارة والسرعة، ولم ينتج من ذلك تغيير نوعي في السلوك المروري، الحال المرورية في حاجة إلى ضبط عام لا جزئي، لذلك فإن رفع الغرامات على التفحيط لن يحقق الآمال التي ينتظرها الغالبية الساحقة من المواطنين والمقيمين، ولن تخفف بشكل ملحوظ من عدد الوفيات والإصابات والأضرار النفسية والاقتصادية.
وبحكم أن لغة المال هي السائدة خلال هذه الفترة، فقبل ثمانية أعوام أعلن أن الخسائر الاقتصادية من الحوادث المرورية تصل إلى 13 بليون ريال، من المؤكد أنها ارتفعت خلال تلك الأعوام الثمانية مع ازدياد سوء الحال المرورية، أما الخسائر البشرية فلا حاجة إلى ذكرها.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.