من بوش إلى ترامب

في حملته الانتخابية يبدو المرشح الجمهوري الأميركي دونالد ترامب مثل من يمسك برشاش أوتوماتيكي يطلق منه النار بكثافة عشوائية لا يوفر فيها أحداً، وتصريحات مرشح الحزب الجمهوري «الوجه الجديد» الخاصة بالمنطقة يجب أن تدرس من السياسيين العرب بعناية، فهي تحوي أفكاره وأسلوبه في الإدارة، لكن ما أركز عليه هنا هو اتهامه علناً للرئيس أوباما والسيدة كلينتون بتأسيس تنظيم داعش الإرهابي، وحتى لو قيل إن هذه اتهامات انتخابية للإثارة والضغط على المنافسة، استغلالاً لحرب دولية على التنظيم وإجماع على إرهابيته، فهذا لا يقلل من حقيقة الاتهام وإن كان انتقائياً!
في واقع الأمر مسؤولية إدارة أوباما عن نشوء التنظيم وتوسعه كاملة الأركان، والإثبات في سياق الأحداث التي توالت على العراق واضحة لكل متابع، إلا أنها ليست خاصة بإدارة أوباما – كلينتون فقط، بل هي امتداد لسياسة جورج بوش الابن الجمهوري وفريقه من المحافظين الجدد، التي حافظ عليها الأول بسياسة «طائرة بدون طيار»، التبشير بالفوضى الخلاقة والتغيير إلى آخر قائمة الحملة جاء من هناك، كان غزو وتحطيم الدولة العراقية نموذج «المحاكاة» في المنطقة، وما سمي العملية السياسية التي استندت إلى المحاصصة الطائفية بإدارة إيرانية وتمكين أميركي، هي المسؤولة عن نشوء التنظيم واستطاعة هذا الأخير جذب العديد من الأنصار والمقاتلين. استندت هذه العملية إلى تمكين الأحزاب الدينية الشيعية المموّلة إيرانياً من السلطة، مع مشاركة شكلية لأسماء أو أحزاب للسنة، فيما الأكراد لهم كيانهم الذاتي النامي ببط باتجاه الاستقلال.
قامت إدارة أوباما باستكمال ما خططت له وبدأت به إدارة بوش الابن، أي الاستمرار في دعم هذه العملية، وكانت القشة التي فضحت العملية وأبانت عوارها تنصيب الطائفي نوري المالكي على رغم خسارته الانتخابات، في تحالف صريح مع النظام الإيراني المعادي للعرب والسنة.
وسواء انتخب ترامب أم كلينتون للرئاسة الأميركية، فعمر تنظيم داعش سيطول، لأنه ذريعة مثلى للتدخل والابتزاز، وكما توارى اسم «القاعدة» قد يتوارى اسم «داعش» ليظهر اسم إرهابي جديد، الفرق المحتمل في حالة انتخاب ترامب أن السياسة الأميركية ستبدو صريحة ووقحة أكثر من ذي قبل.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.