وحدة الصف

تأملت في من خسر من مؤتمر «غروزني» في الشيشان، الذي عقد بعنوان «من هم أهل السنة»؟ وأصدر بياناً ختامياً إقصائياً، فلم أجد خاسراً أكبر من الأزهر، فالصورة الوسطية عنه تضررت بــصورة لا تخـــطئها العـــين، وبخاصة مع مشاركة عدد كبير من مشايخه أو موظفيه مع شيخ الأزهر نفسه. فهل خدع الأزهر وتم استـــخدامه لإضفاء شرعية أوسع على أهداف المـــؤتمر؟ في بيـــان لاحق للمركز الإعلامي للأزهر محاولة ضـــعيفة للـــتراجع، وأعتقد أن الأزهر في حاجة إلى كثير من العمل الجاد لترميم ما أحدثته مشاركته اللافتة.
المــريح في هذه القــضية أن بيــان الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء في الســعودية عن المــؤتمر جاء متــوازناً ومسؤولاً وحاضاً على جمع الكــلمة محــذراً من «النفخ في ما يشتت الأمة ولا يجــمعها»، وخاتمة البــيان في غــاية الأهمية «أن الوقت ليس وقت تلاوم، وعلينا، وبخاصة المنتسبين إلى العلم والفكر والثقافة، أن نكون أكثر حــصافة ووعياً، فإن الذين لا يريدون لهذه الأمة خيراً يراهنون على تحويل أزماتنا إلى صراعات وفتن سياسية ومذهبية وحزبية وطائفية»، انتهى الاقتباس.
والسياسة حاضرة بقوة في مؤتمر الشيشان، ومعها تشوق من أفراد لهوس الأضواء والتصدر. أنتجت الفضائيات ووسائل التواصل فئات مختلفة من المنتسبين إلى الدعوة والوعظ والمشيخة الدينية، وغلب على كثير منهم الفئوية، إما انتصاراً لحزب أو جماعة أو طريقة وفرقة حتى ولو كانت على حساب المصلحة العامة «للأمة».
هنا تذكرت مقولة عميقة لصديق، إذ قال: «لو تعامل المصلحون بذكاء السياسيين لحققوا الكثير».
وكم نحن في حاجة إلى فهم واستيعاب للواقع السياسي المحيط بنا، الذي لم يستثن دولة عربية ولا إسلامية من خطره المحدق، وبخاصـــة للمـــشتغلين بالدعوة. لكن ما يحدث للأسف من البعض أقل ما يوصــف به أنه حالاً انتهازية لاستغلال هذا الواقع الخطر. إن الحصافة والحكمة و «الإصلاح» تدعو إلى التكاتف والاجتماع لا العمل على مزيد من الفرقة والإقصاء.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

رد واحد على وحدة الصف

  1. من يقرا بيان هيئة كبار العلماء يفهم منه ان الموضوع عادى بالنسبة لهم حتى لو ان المؤتمر استبعد مذهب ابن حنبل من مذهب اهل السنة اضافة ان المؤتمر لم يتكلم عن نصرة اهل السنة واضطهادهم بل وتهجيرهم في العراق وسوريا من قبل الروس وايران

التعليقات مغلقة.