الفساد… من يعلق الجرس؟

أعلنت وزارة العدل كف يد رئيس كتابة عدل وكاتبي عدل وموظف بتهمة إفراغ صك مزور لأرض تقدر قيمتها بـ400 مليون ريال وفي بيان الوزارة «من خلال آليات المتابعة والإشراف على أعمال كتابات العدل، والتحقق من سلامة إجراءات صكوك الملكية لضمان موثوقيتها، رصدت وجود خلل في أحد الصكوك التي لا ضبط له، وقامت على الفور باتخاذ الإجراءات اللازمة للتحقيق في الموضوع ونتيجة لذلك أصدر الدكتور وليد الصمعاني وزير العدل، قراراً بكف يد المتورطين».

لكن صحيفة الاقتصادية أشارت إلى أن خلافاً بين الشركاء هو ما فضح «التورط»، مصادر الصحيفة ذكرت أن الخلاف حدث بعد محاولة «الشركاء» بيع الأرض!

وحتى هذه اللحظة ما زلنا في مرحلة «تهميز» الفساد، فهو معترف بوجوده إلا أنه لا يرى، ولم تعد أخبار تورط موظفين بكتابات عدل في قضايا صكوك أراض مزورة بالأخبار الفريدة النادرة، الإيجابية الملموسة على بساطتها أن بعض الأجهزة أصبحت تصرح بالكشف عنه لكن داخل دائرة مجهولة الأسماء، والتعذر قديم بأن التشهير لا يمكن إلا بحكم قضائي ينص عليه. هل تقدمنا في مكافحة الفساد منذ إعلان تبني استراتيجية له وإنشاء هيئة تعنى بالمكافحة ؟ أعيد طرح السؤال بصيغة أخرى، هل النشر والحديث عن مكافحة الفساد من حيث الكم والحجم يقارب أو يقترب من حجم مكافحته الفعلية على الواقع ؟ الجواب غير متفائل بالمرة، بل إن كثرة الحديث عن المكافحة ونشر الأخبار من دون قرارات وأحكام واضحة رادعة تجعل من التفكير في الفساد هاوية لا قاع لها، ربما زاد من وتيرة ممارسات الفساد، وحينما يصل الأمر بوزارة إلى أن تعلن تورط رئيس كتابة عدل، وهي وظيفة يطلق على صاحبها لقب «شيخ» بتهمة الفساد، فإنه إعلان أيضاً عن كبر حجم الجبل، وأن ما يتداول وينشر ليس إلا جزءاً يسيراً من الخافي.

ولا شك أن هناك فارقاً بين أن تكتشف الوزارة تزوير صكوك من خلال إداراتها المعنية، وبين أن يتم التبليغ عنه بعد خلاف بين شركاء. وهو ما يعيدنا إلى فحص منظومة الكشف عن الفساد ومكافحته بين انتظار تبليغ «متضرر» أو إيجاد طرق وسبل منعه من الأساس. وخصوصاً أننا في مرحلة حساسة يتحمل فيها المواطن البسيط أكثر من غيره، أعباءً متزايدة مع ترشيد الإنفاق واقتطاعات ورسوم تستهدف دخله المتناقص وفي أساسيات هو بأمس الحاجة لها.

 

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.