الوسطية صعبة وقوية!

أكثر ما نوقش خلال السنوات الماضية في بلادنا هو التطرف، تم ذلك من الرسمي إلى الشعبي وعقدت له ندوات ومنتديات حتى تشبع الناس من نقاشه، وكانت الوسطية هي الحل المتفق عليه. وهي وسطية لم يحدد إطارها حتى أنه يعتقد الآن أن لكل فرد منا وسطيته الخاصة التي يرى أنها الأنسب. تركز هذا النقاش على التطرف الديني فقط، لكن ظهر لاحقاً أننا في حاجة الى وسطيات أخرى لتطرفنا في قضايا أخرى.
في الشارع الاقتصادي تنشط المحلات الصغيرة والكبيرة في إجراءات استباقية لتحمل صدمة الرسوم البلدية المرتفعة، والعمل جارٍ على قدم وساق للترشيق، من رشاقة لوحات الدلالة والإعلان في واجهة هذه المحلات، كل كبير يتم تصغيره واللوحات الضخمة التي كنت تراها عن بعد ستختفي في ما يبدو قريبًا، ومن شركات كبيرة الى بقالات صغيرة سلالم تصغير اللوحات المنصوبة منظر يومي. والأمر نفسه سيتحول الى المساحات للمعارض والمستودعات، مع الرسوم البلدية «المتوقعة». ربما لن نجد الصالات الواسعة لعرض السيارات، وربما تنكمش الأسواق المركزية بمختلف مسمياتها، ولا اعلم ماذا سيفعل أصحاب المستودعات او الشركات بمستودعاتها.
من الواضح ان الجرعة كبيرة حيث التسارع من صفر او عدم اهتمام الى رقم كبير في وقت قصير. لا شك في ان هذا يحدث صدمة لا يعلم مدى اثرها ومدى قدرة المنشآت على امتصاصها مع انخفاض القدرة الشرائية عند المواطنين والمقيمين باستثناء الشركات الاستشارية التي حصلت على عقود ضخمة وموظفيها من الاستشاريين الأجانب، وبعض السعوديين الذين يحصدون رواتب مرتفعة خلافاً لغيرهم، ولا يعلم عن العائد المنتظر من هذا الحصد، لكنهم في السوق لا يشكلون من حيث العدد قدرة كبيرة إضافة الى ان معظم الاستشاريين الأجانب يأتون كل أسبوع من دبي ثم يعودون اليها في الأسبوع نفسه. في الترفيه يلاحظ أيضاً حاجة ماسة للوسطية ما بين ما كان مفروضاً من تشدد وما يحدث الآن من فعاليات إذا لم تضبط بسرعة وتنظف من الشوائب والاجتهادات الخاطئة ستترك أثراً سلبياً وردود فعل لا اظن ان المسؤولين عن الترفيه يهدفون لها.
نحن في حاجة للوسطية التي أشبعناها نقاشاً، لكن يبدو اننا لم نحدد إطارها في مختلف قضايانا، حتى تكاد تصبح صعبة، قوية، وبعيدة عن الاكتشاف.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.