الدليل لدى معالي الوزير!

لو سألت راعي إبل في صحراء الربع الخالي عن الاكتتاب في أسهم شركة جديدة لبحث عن دفتر العائلة الخاص به، وسيكون أمام أمرين إما ان يعرض عليك شراء صورة من دفتر العائلة أو يذهب ليكتتب بنفسه، المعنى أن الجميع لم يعد بحاجة إلى دليل لمعرفة الرغبة العارمة لدى القاعدة العريضة من المواطنين السعوديين للمشاركة في الشركات المطروحة، هذا التوجه ليس وليد الأمس بل هو واضح منذ زمن بعيد، وهو واضح للعامة من أمثالي من دون دراسات ولا إحصاءات، لهذا فقد استغربت أن معالي وزير المالية اكتشفه اخيراً وبعد تغطية اكتتاب “ينساب” في يومين فقط، اذ قال في حديث صحافي: “ان هناك إحصائية لا اعتقد أنها حدثت حتى في الدول المتقدمة، وأنه خلال يومين فقط من طرح أسهم شركة ينساب للمساهمة قام أكثر من مليوني مساهم بالاكتتاب فيها خلال يومين، وهذا دليل على الاهتمام الكبير في المشاركة في الشركات التي ستكون ناجحة”.
الحمد لله أصبح لدى وزير المالية دليل على “الاهتمام الكبير في المشاركة”، وثبت لديه بالإحصاءات التي “لا يعتقد أنها حدثت في الدول المتقدمة” أن الرغبة في المشاركة كبيرة. وبعيداً من الخوض في الدول المتقدمة التي يتم اللجوء للمقارنة بها بحسب الحاجة، فلا يقارن بها في مستوى الشفافية، ولا يقارن بها في مستوى توفير الفرص للقاعدة العريضة، أنا سعيد بتوافر الدليل لدى معالي الوزير، وهو دليل كان متوافراً لدي منذ فترة طويلة وكتبت عنه كثيراً، لكن دليل الوزير غير دليل كاتب صحافي، فالحمد لله أولاً وأخيراً، وصلنا إلى النتيجة نفسها ولو بعد حين.
ماذا نتوقع من الوزير بعد حصوله على الدليل، هل نتوقع توسيع فرص المشاركة للقاعدة العريضة الصامتة، هكذا يقول المنطق، وهو النتيجة الطبيعية لتوافر دليل لدى وزير،”لا يعتقد أنه حصل في الدول المتقدمة!!”، لكن معالي الوزير في تصريحاته الصحافية وبعد حديث عن توفير الفرص لعدد اكبر من المواطنين للمشاركة يشير إلى إمكان طرح 30 في المئة من مشروع “مدينة الملك عبدالله الاقتصادية” للاكتتاب العام، قاعدة الـ 30 في المئة أصبحت مقدسة، ومع ذلك يتم الحديث عن توفير فرص لعدد أكبر من المواطنين!! ولا يشير الوزير في حديثه إلى أية تفاصيل عن المشروع!
كأني به يقول: “وتوافر الدليل لكن ليس لكم سوى 30 في المئة!… حتى نفاخر بأرقامكم الدول المتقدمة!”
 في النهاية هنيئاً للدول المجاورة بمكتتبينا! وأقترح على كل مواطن أن يجهز خيمة صغيرة في سيارته ويوفر عدداً لا بأس به من صور دفتر العائلة ويعود إلى “البداوة” بحثاً عن الاكتتاب ولنصبح بحق “المكتتبين الرحل”.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.