هي ليست “قارئة فنجان” مثل تلك التي جلست أمام العندليب رحمه الله والخوف بعينيها، بل هي متابعة للزاوية، قارئة أحرف وكلمات، تحدثت والقهر في صوتها… تتأمل سلك التلفون، قالت يا ولدي: أين يذهب المواطن؟
هذه القارئة هي واحدة من ضحايا مساهمات التمور، ونتيجة لحصولها على الوعي الاستثماري الناتج من الحملات التوعوية الذكية، المصرفية وغير المصرفية، ذهبت برجليها وكامل قواها العقلية، واستثمرت في صناديق الأسهم، فكان ما كان، وسؤالها أين يذهب المواطن؟ سؤال مشروع… كيف؟
حتى لا نندهش من النتائج يجب أن ندرك ونعي ونتفحص الأسباب، والسؤال يقول: لماذا انكب الناس على سوق الأسهم، وكأنه ليس في هذا البلد إلا هذا الولد؟
في الحقيقة أن هناك أولاداً آخرين في هذه البلاد – ولله الحمد – وسوق الأسهم هي واحدة منها، وسبب الانكباب عليها هو سهولة التعامل مع هذا الولد، صحيح أن هناك مماطلة من المصارف وطبقية في التعامل وصعوبة في التنفيذ، والوسيط منافس ضخم… لكن كل هذه الصعوبات إذا ما قورنت بمصاعب تربية الأولاد الآخرين في اقتصادنا المتين تهون وتتلاشى، فليس هناك بحث عن تأشيرات ولا “مدابك” وتعقيب ومكاتب خدمات ورسوم مرتفعة، للحصول على رخصة وفسح وانتظار للجان ومراقبين إلخ…
وإذا أخذنا أبسط مجال يمكن للشاب أن يحاول خلاله تحسين دخله وتوفير العيش الكريم لنفسه وأسرته وجدناه في التجارة، نتذكر تلك الحملات القوية ضد بعض الشباب الذين افترشوا الأرصفة وبعض الطرقات للبيع، وبدلاً من الأخذ بأيديهم وتوجيه طاقاتهم بتوفير مواقع مناسبة لهم، كانت المطاردات من البلديات، والآن تجد العديد من الباعة الجائلين من غير المواطنين لا أحد يقول لهم كلمة. إلى أين يذهب المواطن؟ سؤال مشروع إذا أردنا إصلاح الحال لا بد من حلول، ومن السهل اتهام المواطن بعدم الوعي والعلم، هذا أسهل الأمور عند بعض الجهات الحكومية، لكن لا أحد يناقش العقبات ولماذا فشلت مشاريع السعودة في الخضار وبيع الذهب، ولو تفحصت مطبوعات الإعلانات المبوبة لوجدت كثيراً من الشباب الباحثين عن عمل في قطاعات يقال إنها مستهدفة للسعودة!
الإصلاح يأتي بتيسير أمور الناس لا بتعقيدها بكثرة الاشتراطات والتفنن فيها ومكافحة الفساد الوظيفي، عند ذلك سيجد المواطن أن في البلد أكثر من ولد ولن تخسر مثل تلك المواطنة القارئة أموالها في مساهمة التمور، وتضيع وقتها في مراجعة المحاكم من دون فائدة.
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط