“شفت شلون”

الذي يعتقد أن الشفافية دخيلة أو جديدة على مجتمعنا مخطئ، بل يمكن الاشتباه بصحته النفسية، ويتوقع إصابته بعقدة “الخواجة” ولا بأس أن نطلق عليه صفة “المستغرب”!
بعد بحث وتمحيص وجدت أن للشفافية في بلادنا جذوراً عميقة متغلغلة ثقافياً، وهي جذور على “قدنا” قد تكون سطحية… أفقية، تمدُّدها عشوائياً يسبب نتوءات في الأرصفة وتشققات الأسوار، ولا يعني تأصل الشفافية في مجتمعنا أنها قد تتطابق أو حتى “تناوش” مفهوم الشفافية العالمي الوافد قبل سنوات قليلة، ومن عروقها المتجذرة عبارة “شفت شلون” أو “شفتااا”، وهي التي طالما قالها ويقولها كثير منا، وتعني فيما تعني التأكيد أو الدهشة من حال مفاجئة قد تكون مقرونة بصدمة، أو كما قال البعض مستعيراً من السياسة الأميركية “الفوضى… الخلاقة”، ومعروف أن للفوضى آثاراً كثيرة.. و “الخلاقة” هنا يقصد بها بقايا “خلاقين ما بعد الفوضى”، ومن جذور الشفافية المحلية عبارة “شايف!”، وتقال بأكثر من صيغة ويرتبط فهم المقصود بمغزاها مع لغة الجسد، فهي قد تكون مائلة أو ساخرة، فإذا قيل لك “شايف!”، فيمكن أن “تشوف” القمر “شو” كبير وتفكر في مشاهدة من تحب أو “تشوف” حادث مروع المهم “الشوفة”، ومنها عبارة “بتشوف” التي تُربط عادة مع الظالم فيقال: “بتشوف يا ظالم” وليس بالضرورة أن “يشوف” من توعد الظالم… فيه شوفة تسره!، بل ربما لا يشوف ويرى سوى آثار الظلم على قسمات وجهه كل صباح أمام مرآة ضبابية.
ومنها قول بعضهم “شفتوا!” تأكيداً لصدقية كلامه أو توقعاتهم والغالبية سبحان ربي تصدق توقعاتهم، فلأننا في عصر “شفاف” فاللعب صار على “المك… شوف”، وهذا ينبئ إلى أن لنا شفافية تنسجم مع خصوصيتنا، لذلك لم يعد هناك مجال للاستغراب أن تشوف مسؤولاً أو جهة تتحدث عن تأكيدها الشفافية ولا تشوف منها أي شيء شفاف، لأن الأصل أنها هي التي “تشوف”، وشوفها يكفي مثل رؤية هلال شهر هجري إذا رآه من يوثق به.
لهذا لا يتوقع الموقع أدناه أن تتجاوز شفافيتنا ذلك لتصل إلى حد أدنى من شفافيتهم في المستقبل المنظور على الأقل.
ولمعرفة الشفافية، المصطلح، نأتي بأضدادها وهي كثيرة، منها العتمة والغموض والضبابية، هكذا تدرجاً، ووجه الشبه بين شفافيتنا وشفافيتهم هو مسألة حاسة البصر أو “الشوف” والفرق أنهم هناك يشوفون بأنفسهم في حين أننا نشوف من خلال واحد “شايف أنه شايف”.. وربما لا يكون سوى “شايف نفسه”! ومصدقها، وربما يعتمد على الحكمة الأثيرة “لا من شاف ولا من درى” فنشوف ما يريد ولا نشوف ما لا يريد، “شفتو” شفافيتنا!؟

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.